إذا وصلت إلى الرحم كانت كتلة من الخلايا الصغيرة الضلعة، يطلب عليها اسم التوتة Marula حيث تشبه ثمرة التوت بتقسيمها الخارجي، ثم لا تلبث الخلايا السطحية لهذه الكتلة ان تفترق عن الخلايا الداخلية، وتصبح بشكل خلايا أسطوانية، ومهمة هذه الخلايا تأمين الغذاء وتسمى بالخلايا المغذية - Troph blast وبذلك يصبح محصول الحمل قابلا للتعشيش، فتغرس الخلايا المغذية استطالاتها في مخاطية الرحم. وتستمر عملية العلوق مدة (24) أربع وعشرين ساعة، وبذلك تنتهي مرحلة تشكل العلقة. وقد لا يدرك روعة التصوير القرآني لهذه المرحلة بالعلقة إلا من شاهد تلك الكتلة الخلوية وهي عالقة علوقا - وليس التصاقا - بواسطة تلك الاستطالات التي غرستها في مخاطية الرحم، وما أجدرنا هنا أن نعرج على هذه الآيات التي تذكر الانسان بتلك اللحظات التي كان فيها مجموعة خلوية عالقة بجدار رحم الام، تستمد منها الدفء والغذاء والسكن، فيقول في أول سورة نزلت من القرآن، وأسماها الحق تبارك وتعالى بالعلق: (اقرأ باسم ربك الذي خلق (1) خلق الانسان من علق) [العلق: 1 - 2] - من العلقة إلى المضغة: (فخلقنا العلقة مضغة) [المؤمنون: 15].
بعد عملية العلوق تبدأ مرحلة المضغة في الأسبوع الثالث، بتشكل اللوحة المضغية، وذلك ابتداء من الخلايا المضغية Embryoblast، وهي الخلايا التي بقيت بعد انفصال الخلايا المغذية، واللوحة المضغية هي عبارة عن قرص مؤلف في البدء من وريقتين: خارجية Ectoderm، وداخلية Endoderm، ثم تتشكل بينهما وريقة ثالثة هي الوريقة المتوسطة Mesoderm، وحتى نهاية الأسبوع الرابع لا يكون هناك أي تمايز لأي عضو أو جهاز، ويمكن أن نسمي هذه المرحلة بالمضغة غير المخلقة. ثم يمر الحمل في أدق مراحله وأصعبها، حيث يطرأ على اللوحة المضغية المؤلفة من الوريقات الثلاث جملة تغيرات نسيجية هادفة ومدهشة ابتداء من الأسبوع الخامس، وتسمى بعملية التماييز Defferenriarion، أو كما أسماها القرآن " التخلق " فكل زمرة من خلايا هذه الوريقات تأخذ على عاتقها تشكيل واحد من أجهزة الجسم أو أعضائه، وذلك في إطار من التكامل