وبالنسبة لاستقلال المشيمة الغدي، فهو مباشرتها بإفراز الهرمونات اللازمة لاستمرار الحمل بعد أن أصبحت الكميات التي يفرزها المبيض غير كافية، ولأن متطلبات الحمل من هذه الهرمونات تصبح أكبر بكثير من كفاءة المبيض.
أما نمو الجنين فيكون سريعا في هذه المرحلة، فبعد أن كان وزنه في نهاية الشهر الثالث (55) غ، وطوله (10) سم، يصبح وزنه عند تمام الحمل حوالي (3250) غ، وطوله (50) سم، وخلال هذه الفترة، يتكامل شكله الخارجي، فيصبح لون الجلد أحمر، وتنبسط تجعداته، وتسقط عنه الأوبار، وتنفتح الجفون، وتتكامل الأظافر...
وبهذا الاستعراض السريع لأهم ميزات هذه المرحلة نجد أن تلك المضغة قد أخذت بعدا آخر، اكتسبت فيه قدرة على الحركة، وابتدأ بها القلب بالنبضان بلا توقف، ولهذا البعد أشار القرآن بعد عرضه لسلسلة أطوار تخلق الجنين، حيث قال: (ثم أنشأناه خلقا آخر) ولعل أكثر الناس شعورا بهذا البعد ليس الطبيب وإنما الام الحامل التي ما إن تشعر بحركات جنينها حتى تحس بشئ لم تعهده من قبل، إنها تحس أو روحا أخرى تدب في أعماقها، فتظهر علامات الارتياح على ملامحها، وتعلو البسمة محياها، وإذا ما غابت عنها تلك الحركات مدة بسيطة، قلقت وتأرقت.
وأبعد من هذا فقد وجد العلماء أن الجنين يبدأ في آخر الحمل بالسماع، ومما يسترعي سمعه وهو في بطن أمه، ذلك الصوت الحنون الخالد الذي لا يعرف إلا الحب والحنان والعطاء.. إنه صوت خفقان القلب الكبير... قلب أمه، وهكذا تنشأ صلات الحب والمسؤولية بين الام ووليدها، في الوقت الذي تعاني فيه الام من الوهن والعذاب مالا يحتمله غيرها، ولذلك قال تعالى في سورة لقمان: (ووصينا الانسان بولديه حملته أمه وهنا على وهن وفصله في عامين أن اشكر لي ولولديك إلى المصير) [لقمان: 14].
وبعد أن وقفنا على أطوار خلقنا البديعة المدهشة، هل لنا أن نقدر الله حق