تقديم الدكتور محمود ناظم نسيمي حمدا لله، وصلاة وسلاما على رسول الله، وبعد: فإن من المسلم به لدى علماء المسلمين وفقهاء الدين أن تعلم فنون الطب والصناعة والزراعة والعلوم الدنيوية المختلفة، ليس من مهام الرسالة السماوية، فإذا تكلم القرآن عن شئ من ذلك فإنما يريد أن يوجه الانسان إلى الايمان بوجود خالق مبدع لكل الكائنات، وإلى ما فيها من خواص طبيعية وقوانين علمية وترتيبات سببية، ويريد منه أن يحيا معها ضمن عقيدة سليمة، وتفكير قويم، وأن يستخدمها في سلوك صحيح، وأخلاقية سامية، ويريد أن ينبه الانسان بصورة عامة، والمسلم بصورة خاصة، إلى أن الاشتغال بالعلوم والمهن والصناعات وأنواع الزراعة المفيدة، ضمن الإطار العقائدي السليم والخلقي النبيل، إنما هو منسجم مع روح الاسلام، فلا يجوز أن يهمله المجتمع المسلم، أو يغفل عنه بحجة أن أفضل العلوم هي العلوم الدينية، لان كل علم أو حرفة أو صناعة أو زراعة نافعة للمجتمع الاسلامي هو من فروض الكفاية كما هو الحال في تعلم الفقه وسائر العلوم الدينية، قال تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) [التوبة: 122].
وبما أن القرآن الكريم هو المصدر الأول لتعاليم الاسلام وهو معجزته الخالدة الذي لا تنتهي جدته ولا تنقضي عجائبه، فقد رأى الزميلان، السيد عبد الحميد دياب والسيد أحمد قرقوز، أن يقوما متعاونين بدراسة، حول الآيات القرآنية التي لها مساس بالطب، ولو كان ورودها في معرض التنبيه إلى التفكر بالخالق المبدع الخبير القدير، ليضئ الايمان جنبات بالنفس فيستنير الفكر باشعاعات اليقين، ورغبا أن يوضحا الحقائق الطبية والمقاصد الصحية التي توصل إليها العلم