القرآن والطب الوقائي تقدمة:
الفرق كبير بين أن نترك الانسان ليصاب بالمرض ثم نسعى لمعالجته أو أن نقيه من المرض أصلا.
أجل! فإن معالجة مريض التدرن (السل) التي تستمر وسطيا حوالي سنة ونصف تكلف المريض والدولة أموالا وامكانات كبيرة، إضافة لما يعانيه المريض من العذاب والخطر، بينما لا تتطلب وقايته من التدرن سوى لقاح يكلف بضع قروش. كما أن الفرق شاسع بين أن نترك عوامل الإفرنجي لتفتك في الأمة (صحة وأخلاقا) ثم نكتفي بمعالجة المصابين ومراقبة مستودعات الداء التي تبثه بكل وقاحة، وأن نقوم باجتثاث هذه المستودعات من المجتمع أصلا.
ولقد أدرك الحكماء القدامى هذا الفرق فقالوا: " درهم وقاية خير من قنطار علاج " كما أدركت الفرق الأمم الحديثة. فأولت الجوانب الوقائية الاهتمام الأول في كل تدابيرها الصحية وسارت في تطبيق أسس الطب الوقائي (1) حتى يمكن تقدير تقدم أي مجتمع صحيا بمقدار ما قطعه في هذا المضمار.
وإنه ليأخذ الناظر في كتاب الله العجب العجاب حينما يجده قد أولى النواحي الوقائية الأهمية الكبرى وأرسى دعائم الطب الوقائي. في الوقت الذي لم يهمل فيه النواحي العلاجية. ولكن لا عجب في ذلك، فالقرآن ذكر رب العالمين، أنزله على الناس ليأخذ بناصيتهم إلى الطريق القويم، طريق الصحة والقوة والمجد (إن هذا القرآن يهدى للتي هي أقوم) [الاسراء: 9]