مهبل الأنثى، وينتهي ليس بالوصول إلى العروس فقط، وإنما ينتهي بقفزة النصر ألا وهي اجتياز جدار البييضة الشفاف، فما يصل إلى البييضة عشرات النطاف، لكنها لا تستطيع الدخول إليها كلها، " وتجذب البييضة من هذه النطاف الكثيرة واحدة فقط، وذلك بالانجذاب الايجابي الذي تتحلى به Positive chimotoxie، فيظهر على سطحها بمحاذاة هذه النطفة نتوء هيولي، يدعى مخروط الجذب Attraction cone وهي البقعة التي سيجتاز منها الحيوان المنوي الغشاء الشفاف " (1) وبعدها تحدث حادثات خلوية دقيقة وغريبة، تنتهي بالتحام نواتي النطفة والبييضة، فيكتمل العدد الصبغي، ويطلق عندئذ على البييضة الملقحة أسم البيضة Zygot، وتكتسب البيضة بالالقاح قوة حيوية جديدة على الحياة والانقسام والنمو لتكوين الجنين، وبذلك يشترك الوالدة والوالدة في إيراث صفاتهما لوليدهما.
وهكذا نجد أن من بين مئات الملايين من النطاف التي بدأت السباق، لا يصل سوى العشرات إلى البييضة، وتموت النطاف الباقية صرعى على الطريق، ومن تلك العشرات التي وصلت، تدخل البييضة نطفة واحدة فقط، لتشاركها في عملية الالتحام المصيري، ويمكن استشفاف ذلك من قوله تعالى وهو يذكر الانسان حيث كان نطفة من نصف مليار، كلها متجهة إلى البيضة فقال في سورة القيامة: (ألم يك نطفة من منى يمنى) [القيامة: 17]: وقوله في سورة السجدة: (ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين) [السجدة: 8] فحرف " من " في هاتين الآيتين تبعيضية كما يسميها النحاة، وتعني هنا أنه شئ قليل من شئ كثير. وكذلك لفظة " سلالة " والطريف في هذا السباق أن النطاف بعد أن تجتاز جوف الرحم لا تدخل إلا إلى البوق الذي يحوي البييضة، ولا تدخل في البوق الآخر، فتبارك الله الذي قدر فهدى، والذي علم النطاف أين تسير.
وفوق ذلك كله تشترط البييضة على الفائز الأول أن يلاقيها في الثلث الأخير