أسرار الشيخوخة وحتمية الموت قال تعالى موجزا مراحل الحياة بالنسبة للانسان: (ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) [الحج: 5] أرذل العمر أو الشيخوخة.
هي المرحلة الأخيرة من حياة الانسان الذي قدر له أن يتخطى مرحلة القوة والشدة والنضوج، وقد حدد القرآن تقريبا تلك المرحلة التي يصل فيها الانسان إلى ذروة قوته وفعاليته، حيث قال تعالى في سورة الأحقاف: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي) [الأحقاف: 15].
إن الذين تخطوا سني عمرهم الخمسين أو ما فوق يشعرون ان كل شئ فيهم يتغير ويهبط، ويتمرد على ذلك النظام الذي كان يسري في أجسامهم قبل ذلك، وكأنما بصمات السنين قد تركت آثارها على ظاهرهم وباطنهم، فبشرة الجلد الغضة اللينة أصبحت متجعدة ومتهدلة، وتحول سواد الشعر إلى بياض، وبرزت عروق الأطراف، وضعف البصر وزاغ، وانخفضت كفاءة السمع، ونقصت معدلات الاستقلاب العامة.
ولقد وجد العلماء أن معدل هذا التدهور يتراوح بين (5، 0 - 3، 1) % في كل عام. وكمثال فإن القلب يقوم في الدقيقة الواحدة (70 - 80) عملية انقباض واسترخاء، وفي اليوم أكثر من مائة الف انقباض، وفي العام أكثر من (36) مليون انقباض واسترخاء، فلنتصور ذلك العبء الذي يقوم به على مر السنين، إن كفاءته ستنخفض حتما وبالتالي سينخفض معدل ورود الدم إلى الأنسجة الأخرى، ومنها الكلية التي تفرز مادة الرينين Renine لتزيد ضغط الدم في فمحاولة منها لرفع معدل ورود الدم إليها، وهكذا يدخل الجسم في حلقة مغلقة تؤدي لإصابة الانسان بارتفاع الضغط عندما يتقدم في السن. إن هبوط كفاءة أي عضو هو انعكاس لهبوط