الطيبات قال تعالى: (كلوا من طيبت ما رزقناكم) [الأعراف: 160] لم يقتصر القرآن على تحريم الخبائث، بل ذهب أيضا إلى توجيه الناس إلى الأغذية التي تنفع أبدانهم وتحفظ صحتهم، وعمل على تنظيم الغذاء الحلال.
وحتى ندرك ما في أسلوب القرآن من منطق علمي، وفكر عملي، فلنقارن توجيهاته مع بعض ما جاء في الديانات الأخرى، فالبوذية، تحرم على معتنقيها أكل اللحوم على الاطلاق، والهندوكية تحرم لحم البقر بسبب تقديسها، وهناك بعض الديانات التي تأمر بالصوم عن أكل لحوم الحيوانات ومنتجاتها (كالبيض والحليب والجبن.) لمدة أربعين يوما أو تسعين يوما كل عام وشعوب الصين واليابان تسمى بالشعوب النباتية لأنها تعتمد في غذائها على النباتات أساسا وقد بدأت حكومات هذه الشعوب حديثا بمحاربة هذه العادة، فراحت تشجع على أكل اللحوم في المدارس والمعاهد، ولكن دون هدي، حيث أقبلت الصين على أكل لحم الكلاب والثعابين، وأقبلت اليابان على أكل السمك النئ دون طهي، وفي البلاد الأوربية يعتمد الناس أساسا على لحم الخنزير للحصول على راتبهم من اللحوم.. وهكذا..
وإذا عدنا إلى القرآن: (يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات) [المائدة: 4]، وبهذه النظرة الواقعية يحلل القرآن للناس أنواع الطعام التي تستسيغها أذواقهم، وفيها فائدة لأجسامهم ولنفوسهم، ولا تلحق بهم الضرر، ثم لا يكتفي بذلك بل يستنكر على كل من يحاول أن يحرم زينة الله، أو يحرم الطيب من رزقه لما يعلمه من الضرر الذي يلحق بهم فيقول (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده، والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا) ثم يؤكد على هذا المعنى فيقول: (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) [المائدة: 87] ولا يقتصر معنى الطيب