كل كافر ومسلم مساور للأساورة ومجرد له على الجبابرة يتكفن بأرفع الثياب ويهتك كل حجاب ولا يحفل ببواب يرد مناهل العيش العذبة ويصل إلى الاحراج الرطبة ولا يمنع منه أمير ولا ينفع فيه غيرة غيور وهو أحقر حقير شره مبثوث وعهده منكوث وكذلك كل برغوث كفى بهذا نقصانا للإنسان ودلالة على قدرة الرحمن وقوله في صفة بعوضة مالكة لا حس لها سواها تحقرها عين من رآها تمشي إلى الملك بندبها وتضرب بحبوحة داره بطلبها تؤذيه بإقبالها وتعرفه بإراقة مالها فتعجز كفه وترغم أنفه وتضرج خده وتفري لحمه وجلده زجرتها تسليمها ورمحها خرطومها تذلل صعبك إن كنت ذا قوة وعزم وتسفك دمك وإن كنت ذا حلفة وعسكر ضخم تنقض العزائم وهي منقوضة وتعجز القوى وهي بعوضة ليرينا الله عجائب قدرته وضعفنا عن أضعف خليقته وله يصف ثعلبا أدهى من عمرو وأفتك من قاتل حذيفة بن بدر كثير الوقائع في المسلمين مغري بإقامة ذم المؤمنين إذا رأى الفرصة انتهزها وإن طلبته الكماة أعجزها وهو مع ذلك بقراط في إدامه وجالينوس في اعتدال طعامه غذاؤه حمام ودراج وعشاؤه بذرح ودجاج وله يصف ماء كأنه عصير صباح أو ذوب قمر لياح له من إنائه انصباب الكوكب الدري من سمائه العين كانونه والقمر عفريته كأنه خيط من غزل قلق أو مخصرة ضربت من ورق يترفع عنك فتردى ويصدع به قلبك فتحيا
(٥٤)