الباب الثالث 115 في ذكر أبي إسحاق الصابي ومحاسن كلامه هو إبراهيم بن هلال بن هارون الصابي الحراني أوحد العراق في البلاغة ومن به تثنى الخناصر في الكتابة وتتفق الشهادات له ببلوغ الغاية من البارعة والصناعة وكان قد خنق التسعين في خدمة الخلفاء وخلافة الوزراء وتقلد الاعمال الجلائل مع ديوان الرسائل وحلب الدهر أشطره وذاق حلوه ومره ولابس خيره ومارس شره ورئس ورأس وخدم وخدم ومدحه شعراء العراق في جملة الرؤساء وسار ذكره في الآفاق ودون له من الكلام البهي النقي ما تتناثر درره وتتكاثر غرره وفيه يقول بعض أهل العصر [من الكامل]:
(أصبحت مشتاقا حليف صبابة * برسائل الصابي أبي إسحاق) (صوب البلاغة والحلاوة والحجى * ذوب البراعة سلوة العشاق) (طورا كما رق النسيم وتارة * يحكي لنا الأطواق في الأعناق) (لا يبلغ البلغاء شأو مبرز * كتبت بدائعه على الأحداق)