عليه صعبا منيعا فبددت شمله والفت شملها واستحالت حية لا يستلذ قتلها ترمي بألوان وتتهدد بلسان فلذعت البرد لذعة ونكرته على فؤاده نكزة خر لها على جبينه ومات بها من حينه وغشينا من فائض حمتها حر كان لنا حياة ولذلك وفاة فالحمد لله على نعمته وما أرانا من غريب قدرته ودلنا به من لطيف صنعته ولما استحال جمرها رمادا وقد مهد لنا من الدفء مهادا ولمحته العين كالورد وذر عليه كافور الهند انبسطت نفس شاكرك فتذكر لما كلفته من الزيادة في المعنى الذي اعتمدته محرما له لا مقتديا به ومستثنيا فيه لا آخذا منه وله من أخرى يصف فيها البرد والحمام لما تلقى اليوم البرد شاكرك بنوع ومشى إليه بروع وكان بالأمس بردا أجحف فابتنى من سحابة أو طف قصد بيت النار ومورد الأبرار والفجار فلما رأى الناس أخلاطا تذكر جهنم ولفحها المتضرم وقوله تعالى «وإن منكم إلا واردها» واستعاذ بالله من لهبها وسأله أن لا يكون من حطبها وإذا بأهلها يتساقون أكواب الحر ويتعاورون أثواب القر فلما أخذت منهم حمياه تهللت الشفاه وانطلقت الأفواه فأخذوا من تجالدهم وأكثروا من عوائدهم وكشفت الأبشار وهتكت الاستار وجعلوا يتجالدون دلكا ويتضاربون حكا حتى إذا خرجوا بجماهرهم وانحفلوا بحذافرهم صب على جسمه من عريض وامتد على وضاح ذي وميض قاربه الحر حتى احتواه وباعده القر حتى اشتهاه فحينئذ اخذ في طهره وقضى من أمره وقد لطف حسه وتراجعت إليه نفسه فذكر ما خاطبك به أمس في المعنى الذي كلفته على الاختيار الذي قصدته فإذا بذلك الكلام لا يدل على سواه ولا يقتضي لغير
(٥٢)