الباب الخامس في ذكر شعراء البصرة ومحاسن كلامهم 119 القاضي التنوخي أبو القاسم علي ابن محمد بن داود بن فهم من أعيان أهل العلم والأدب وأفراد الكرم وحسن الشيم وكان كما قرأته في فصل للصاحب إن أردت فإني سبحة ناسك أو أحببت فإني تفاحة فاتك أو اقترحت فإني مدرعة راهب أو آثرت فإني نخبة شارب وكان يتقلد قضاء البصرة والأهواز بضع سنين وحين صرف عنه ورد حضرة سيف الدولة زائرا ومادحا فأكرم مثواه وأحسن قراه وكتب في معناه إلى الحضرة ببغداد حتى أعيد إلى عمله وزيد في رزقه ورتبته وكان المهلبي الوزير وغيره من وزراء العراق يميلون اليه جدا ويتعصبون له ويعدونه ريحانة الندماء وتاريخ الظرفاء ويعاشرون منه من تطيب عشرته وتلين قشرته وتكرم أخلاقه وتحسن اخباره وتسير اشعاره ناظمة حاشيتي البر والبحر وناحيتي الشرق والغرب وبلغني انه كان له غلام يسمى نسيما في نهاية الملاحة واللباقة وكان يؤثره على سائر غلمانه ويختصه بتقريبه واستخدامه فكتب اليه بعض من يأنس به يقول [من الرمل]:
(هل على من لامه مدغم * لاضطرار الشعر في ميم نسيم)