الكاتب قالا كان من أقوى أسباب تغير عضد الدولة لأبي إسحاق بعد ميله إليه وضنه به فصل له من كتاب أنشأه عن الخليفة في شأن بختيار وهو وقد جدد له أمير المؤمنين مع هذه المساعي السوابق والمعالي السوامق التي تلزم كل دان وقاص وعام وخاص أن يعرف له حق ما كرم به منها ويتزحزح عن رتبة المماثلة فيها فإنه انكر عليه هذه اللفظة أشد إنكار ولم يشك في التعريض به وأسرها في نفسه إلى ان ملك بغداد وسائر بلاد العراق وأمر أبا إسحاق بتأليف كتاب في اخبار الدولة الديلمية يشتمل على ذكر قديمه وحديثه وشرح سيره وحروبه وفتوحه فامتثل امره وافتتح كتابه المترجم بالتاجي الذي تقدم ذكره فاشتغل في منزلة به واخذ يتأنق في تصنيفه وترصيفه وينفق من روحه على تقريظه وتشنيفه فرفع إلى عضد الدولة ان صديقا للصابي دخل عليه يوما فرآه في شغل شاغل من التعليق والتسويد والتبديل والتبيض فسأله عما يعمله من ذلك فقال أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفقها فانضاف تأثير هذه الكلمة في قلب عضد الدولة إلى ما كان في قلبه من أبي إسحاق وحرك من ضغنه الساكن وأثار من سخطه الكامن فأمر بأن يلقي تحت أرجل الفيلة فأكب نصر بن هارون ومطهر بن عبد الله وعبد العزيز بن يوسف على الأرض يقلبونها بين يديه ويستشفون إليه في أمره ويتلطفون في استيهاب دمه إلى أن أمر باستحيائه مع القبض عليه وعلى أشيائه واستئصال أمواله فبقي في ذلك الاعتقال بضع سنين إلى أن تخلص في آخر أيام عضد الدولة وقد رزحت حاله وتهتك ستره وكان الصاحب يحبه أشد حب ويتعصب له ويتعهده على بعد الدار بالمنح وأبو إسحاق يخدم حضرته بالمدح وقرأت له فصلا من كتاب في ذكر صلة وصلت منه إليه استظرفته جدا وهو ورد أطال الله تعالى بقاء سيدنا ومولانا أبو العباس احمد بن الحسين وأبو
(٢٩١)