فهذه الشبهة واهية، ولا يمكن أن يعتقد أحد من المسلمين بأن الاسلام دين كافل لأمهات الأمور الراجعة إلى سعادة البشر، من حيث تبعات الأعمال من العقوبات] والمثوبات وحسب [، فالأنبياء أطباء النفوس، والسلاطين أمراء وحكام على الخلق، وكافلون لأمور الناس، وعليهم نظم البلاد والعباد. بل الاسلام دين متكفل بجميع المصالح والمفاسد على حد الاعتدال.
ولا نبالي أن نقول: إن الاسلام يضاد الدنيا، ودين يوجه الناس إلى الآخرة توجيها أشد من التوجيه إلى الدنيا، لعدم احتياج البشر الشيطاني المادي - بالطبع والطبيعة - إلى توجيهات مادية، ويكفي للتوجهات الدنيوية، الغرائز والقوى المودوعة في جبلتهم وسجيتهم، فالآخرة أحوج إلى المنبهات والموجهات قطعا وطبعا.
الرسول الأعظم كان متكفلا لجميع الأمور برمتها ولكن ليس هذا يرجع إلى أنه غير قابل لأن يتصدى العائلة البشرية - في أمر دنياهم وما يحتاجون إليه - لتشكيل الحكومة والنظام العسكري والبلدي، أو غير مأمورين بذلك، حتى يتوهم أن اللازم من ذلك ما يتوقف عليه الهداية إلى دار الآخرة.
وبعبارة أخرى: أن الزعامة وتشكيل الحكومة كان لبسط الاسلام وتعريفه إلى المجتمع في ذلك اليوم، وإصغاء الآخرين إلى يوم