وهتك لأجله أعراض الأماجد في جميع الأزمان، لا الزمن الخاص المحدود بالحدود المتناهية - ولا سيما إذا تناهت إلى خمسين ومائتي عام على المذهب الحق - أم يجب على الله تعالى، كما يجب عليه إرسال الرسل وإنزال الكتب، أن يتكفل بعائلة البشر دينا ودنيا بعد ما ينقطع الوحي إلى الأبد. وهذا معنى ما اشتهر عنا: أن العلماء في هذه الأمة كأنبياء بني إسرائيل (1)، لأنهم أنبياء عن الرسول الأعظم بعد وصول الكتاب الإلهي إليهم، والمتون النبوية لديهم، وإلى هذه البارقة الإلهية يشير ما في الأحاديث: أن الفقهاء أمناء الرسل (2)، وأنهم حصون الاسلام (3)...
وهكذا.
فلعمري إن هذه المسألة لا ينبغي أن تعد من النظريات، بعد الغور فيما هو السبب لبعثة الأنبياء والرسل، ما هو سر لطفه تعالى بالرعية، ولأجل وضوح المسألة لا يوجد في الكتاب والسنة ما يفي - حسب المصطلحات الأخيرة - بإثبات هذه الحكومة الكلية لغير الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أو من يحذو حذوه، لما يشكل تارة في سنده، وأخرى في دلالته على سبيل منع الخلو.
فتحصل حتى الآن: أن لزوم ذلك على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) من الواضح والبديهي، وإن كان المسلمون مختلفين في ذلك الأمر من بعد الرسول