لا شبهة في اختلاف المعروفات عقلا وشرعا، وتفاوت الخيرات كتابا وسنة، فمن المعروفات والأمور الخيرة ما يكون معروفا من شخص خاص أو في حالة خاصة، فيكون واجبا في تلك الأحوال وعلى تلك الآحاد والأفراد، وذلك مثل كثير من الواجبات الفردية، مثلا لبس الإبريسم والذهب محرم، وترك معروف ولازم، ولكنه على المكلف، ويجوز ذلك للأطفال والصغار، ولا يجب على الأولياء خلعهما عنهم، لعدم معروفية تركه، وعدم بلوغ ذلك إلى الخيرات المطلقة، وإلى ما لا بد من تركه من أي شخص كان، أو في أية حالة كانت، وإذا ارتقى النظر إلى الدرجة الوسطى من المعروفات والخيرات، نجد أن ذلك واجب ولا بد من إيجاده أو إعدامه، كما إذا أراد الصغير أن يشرب الخمر، أو يزني، وغير ذلك - إذا أمكن له ذلك - وهكذا مما يشابهه، فإنه وإن لا يجب عليه شئ ولا يحرم، ولكن على الأولياء المنع عنه، لما علم من الشرع مبغوضية أصل وجوده، لا من شخص خاص أو في حالة خاصة.
وإذا كان شئ واجب الوجود في نظر الشرع، أو واجب الترك، ولا يتمكن الشرع من تكليف كل أحد به، كالأمثلة المزبورة، فعليه تكليف الآخرين بالمحافظة والمواظبة على الخير المزبور والمعروف المذكور، حتى ينسد باب العدم عليه، ويصل المولى إلى مرامه ومقصده بتلك الطريقة قهرا وطبعا.
وربما يكون الخير والمعروف واجبا ولازم الوجود، ولا يلاحظ