نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٩٢
وهكذا فقدت العترة الطاهرة حتى نصيبها من امتيازات الشرف التي كانت مخصصة لها بموجب الصيغة السياسية التي سادت مكة قبل الإسلام، وعزلت تماما وحجمت. أنظر إلى قول الفاروق مخاطبا العباس وبني هاشم: " أي والله وأخرى إنا لم نأتكم حاجة منا إليكم، ولكن كرهنا أن يكون الطعن منكم فيما اجتمع عليه العامة فيتفاقم الخطب بكم وبهم ". وبلغت الاستهانة بهم حدا أنه حتى عبد الله بن الزبير هم بأن يحرق بيوت الهاشميين على من فيها لولا أن تدخل أهل الخير.
ومعنى ذلك أن أي قبيلة من القبائل التي حاصرت الهاشميين في شعاب أبي طالب ثلاث سنين وأرسلت مندوبها للاشتراك بقتل النبي هي أسعد حظا من الهاشميين، والفرد منها أولى وأحق برئاسة الدولة من أي هاشمي. فالرئاسة والولاية حلال لكل الناس وحرام على أي هاشمي من الناحية العملية، كل ذلك من أجل عدم تمكين الهاشميين من الجمع بين النبوة والخلافة، وهل جزاء الاحسان إلا الاحسان؟.
م - التكييف الشرعي لمقولة لا ينبغي أن يجمع الهاشميون الخلافة مع النبوة هذه مقولة جاهلية من كل الوجوه، وتتعارض معارضة تامة مع النصوص الشرعية ومع النظم السياسية المشتقة من العقائد الإلهية. فداود النبي، ورثه ابنه سليمان فجمع كل واحد منهم النبوة والخلافة معا، وأوتي الأنبياء وذرياتهم الحكم والنبوة والكتاب، ولم يعترض عليهم أحد لأن الفصل بيد الله والخلافة منصب ديني وبالدرجة الأولى دنيوي والخليفة قائم مقام النبي، ومن مهام النبوة البيان والحكم وعملية البيان والحكم عملية فنية تماما واختصاصا.
ومن هو على علم بالتقاطيع الأساسية للنظام السياسي الإسلامي يتبين له بأقل جهد ممكن، أن هذه المقولة نسفت نسفا تاما النظام السياسي الإسلامي كنظام إلهي وفرغته تماما من مضمونه وحولته من الناحية العملية إلى نظام وضعي لا يختلف عن الأنظمة الوضعية إلا بالشكل (سياسيا) بل والأهم من ذلك أن رئاسة الدولة صارت غنيمة وطعمة يأكلها الغالب والغالب وحده، وبعد أن يغلب يجلس على كرسي النبي
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331