نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٤
والأسهم السياسية المحددة في هذه الصيغة أقصى ما استطاعت البطون أن تنتزعه، ولاح لهذه البطون أنها أفضل صيغة سياسية على الاطلاق، إذ ليس فيها غالب ولا مغلوب. فالمناصب السياسية قدر مشترك بين البطون ولا مصلحة لأي بطن بتغيير هذه الصيغة لأنه لو حاول التغيير فلا يعرف على وجه الجزم واليقين عواقب محاولته.
فقد يفقد ما حققه، ثم إن الأمور قد استقامت ونظمت أمور ولاية البيت الحرام، فارتاحت كل البطون لهذه الصيغة، ومع الأيام أصبحت عنوان عقيدة سياسية وأثرا مأثورا مما تركه الأولون، ومن غير الجائز الخروج عليه من قبل أي كان.
ج - محاولات لزعزعة الصيغة:
في السنين العجاف لم يكن لمكة غير هاشم، يطعم الناس ويشبعهم، وقيل له: أبو البطحاء وسيد البطحاء، ولم تزل مائدته منصوبة في السراء والضراء، وكان يحمل ابن السبيل ويؤمن الخائف (1). فخشي أمية بن عبد شمس منه وحسده، فتكلف أن يصنع ما يصنع هاشم، فعجز عن ذلك، فعيرته قريش فدعا هاشما للمنافرة فأبى، ثم تنافرا على خمسين ناقة وعلى الجلاء عن مكة عشر سنين، فقضى الحكم بأن هاشما أشرف من أمية، فنحرت النوق وجلا أمية إلى الشام، فكانت هذه بذرة العداء الأولى بين البيتين الهاشمي والأموي. ولعل الذي دفع أمية هو الحسد لهاشم والخشية من أن يشكل هاشم خطرا على هذه الصيغة لأن القيادة بيد بني عبد شمس، وبروز نجم مثل هاشم قد يزعزع الصيغة كلها ويستخف الناس (2).
د - إشاعة النبوة أشيع في مكة أن نبيا سيبعث، وأنه سيكون من سلالة عبد مناف، وممن استقرت في أذهانهم هذه الإشاعة أبو سفيان، فقد كان على علاقة وطيدة بأمية بن أبي الصلت. وأبو سفيان موقن أن هذا النبي سينسف الصيغة السياسية، وسيأخذ منه

(١) راجع تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٨٠ والسيرة الجلية ج ١ ص ٥ والطبقات لابن سعد ج ١ ص ٧٦.
(٢) راجع السيرة الحلبية ج ١ ص ١٥ وكتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 170 - 172.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 81 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331