نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٩١
من مثله علمت أني لست من أهله، فقبلت عملك هنالك فإني قلما رأيتك طلبت شيئا إلا عاجلته.
فقال: يا ابن عباس، إني خشيت أن يأتي علي الذي هو آت (يعني موت عمر) وأنت في عملك فتقول هلم إلينا، ولا هلم إليكم دون غيركم، إني رأيت رسول الله استعمل الناس وترككم. قال: والله قد رأيت من ذلك فلم تره فعل ذلك؟
قال عمر: والله ما أدري أضمن بكم عن العمل فأهل ذلك أنتم، أم خشي أن تبايعوا بمنزلتكم منه فيقع العتاب ولا بد من عتاب، وقد فرغت لك من ذلك فما رأيك؟ قال ابن عباس: أرى ألا أعمل لك. قال: ولم؟ قلت: إن عملت لك وفي نفسك ما فيها لم أبرح قذى في عينك، قال: فأشر علي. قلت: إني أرى أن تستعمل صحيحا منك صحيحا لك (1).
من فرط حرصه على مصلحة المسلمين يريد حتى بعد موته أن يتأكد بأن الهاشميين لن يسلطوا على رقاب الناس، ولن يحكموا أمة محمد.
وبالإجمال تحولت هذه المقولة إلى تيار غلاب أفصح عن ذاته وفرض نفسه كقناعة عامة تؤمن بها السلطة وآمنت بها الأكثرية الساحقة على اعتبار أن هذه المقولة هي الوسيلة المثلى لمنع الاجحاف الهاشمي وإنصاف البطون القريشية لتتداول الخلافة في ما بينها كرد على النبوة الهاشمية أو كتعويض لها عن الإختصاص الهاشمي بالنبوة وأخيرا على اعتبار أن هذه المقولة مظهر من مظاهر هداية قريش وتوفيقها، على حد تعبير الفاروق.
وباستمالة أبي سفيان إلى جانب السلطة، وترك ما بيده من الصدقات التي جمعها وتولية ابنه يزيد قائدا على جيش الشام وتعيين ابنه الثاني معاوية قائدا من قواد يزيد ثم خلافته لأخيه يزيد كوال على الشام بعد وفاته، كل هذا كون حلفا حقيقيا بين السلطة وبين الطلقاء لهم قناعة سياسية مشتركة تقوم على عدم تمكين الهاشميين من أن يجمعوا مع النبوة الخلافة، وبهذا التحالف قطع دابر المعارضة وحجمت وتم تكريس مبدأ عدم جواز جمع الهاشميين للنبوة والخلافة معا.

(1) الإمامة والسياسة ص 15.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 97 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331