والجماعة التي وطد أركانها معاوية، كانت تعني العداء المطلق لآل البيت (ع) الجماعة التي بقيت وفية لمعاوية، حيث تجتمع جميعها على سب ولعن علي (ع) من على المنابر.
وروى عبد الله بن عمر عن الرسول صلى الله عليه وآله ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى أن كان منهم من أتى أمة علانية، لكان في أمتي من يصنع ذلك، وأن بني إسرائيل تفرقت ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هي يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابي) (36).
وعلى كل حال، فإنني لم أفهم من كلمة (الجماعة) حلا يشفي غليل عقلي علما أن الجماعة التي تحدث عنها معاوية، هي الجماعة التي استجابت له، في حكم الجاهلية. وبها قاتل الإسلام في شخص علي (ع) وبمثله قتل ابنه (يزيد) الإمام الحسين (ع) وباقي عترته الطاهرة.
والحق كما أفهمه، ليس مسألة كمية، عددية. والجماعة هي أن تكون على حق ولو كنت وحدك كما قالها ابن مسعود وليتني أعرف أي الصحابة الذين ذكرهم حديث ابن عمر الجديرين بالاتباع. وأيهم اتبع وقد تفرقوا فرقا ونحلا وسمعتهم مرة يقولون (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)، ولست أعلم إن هذا الحديث المشكوك فيه عند أهل الرواية (37) هل يحتوي على أقل قدر من المنطق. وكيف اهتدي سواء اتبعت عليا أو معاوية، أبا ذر أو عثمان. أبا هريرة أو عمار. ولعمري كيف يجتمع النقيضان؟!.
وهبني سلمت بهذا الحديث على علته، أفلست على السنة والهداية، إذا سلكت طريق علي (ع)؟ أوليس هو على الأقل من الصحابة وإذا قالوا إنه برئ ونزيه، وأنه لم يخالف الجماعة، قلنا عن بعض الأصحاب لماذا قتلوا حسينا، لماذا ، (هامش) * (36) سنن الترمذي (ج 5 ص 26) كتاب الإيمان: الحديث 2641.
(37) طعن فيه ابن حزم، وابن حنبل، بل واعتبره الأول موضوعا. (*)