لقد شيعني الحسين (ع) - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٩٤
وليكن ما يكون. ولكن لا بد لي أن أفكر، وأمارس كينونتي في الوجود، لا برئ ذمتي، طلبا للحق والتماسا للنجاة، وبعدها أطلب العذر على تقصيري.
المهم هو الوصول إلى (القطع) الذي تثبت به المعذرية. وهذا القطع لا بد أن يحصل بالاجتهاد والبحث الحثيث.
كان أثقل شئ علي يومئذ، أن أقرأ تأريخ (الفتنة الكبرى) والغريب أنني أقرأ صفحة ثم أتوقف متعوذا بالله، وكأنني أنا المسؤول عن كل ما وقع.
أقرأ التاريخ خلسة، وخفية، وكأنني أمارس الفحشاء والمنكر. وما زلت أتذكر الأصحاب، وقد بدأوا يوجهون لي النقد. لأنني بدأت أخرج عن الإيمان، وأهتم بالفتن. إنني كنت أدرك إنهم لا يقولون إلا ما لقنوه. وبرمجوا عليه في تعاملهم مع (الفتنة الكبرى) حيث البؤرة الوحيدة التي تعكس حقيقة الانحراف الذي طرأ على نفوس الكثير من الذين أكبرهم التاريخ في أذهاننا إكبارا زائدا.
كان همي أن أعرف قدر الامكان، الفئة الناجية. ولم أكن أتصور أن الرسول صلى الله عليه وآله يتحدث عن خلاف الأمة، ثم لا يعطيها، مفتاح النجاة، إذن، لما كان نبيا هاديا! فما ذنب مسلمي القرون اللاحقة إن كانت ستأتي بعد وجود الخلاف، فترثه إرثا!.
ثم عدت للحديث لأرى هل في أحشائه ما يرشدني إلى الهدى ويجنبني الضلال. وما أثارني هو تعامل مختلف الفرق، لهذا الحديث. إذ كل فرقة تتبناه لصالحها. فقد قرأت مرة، لسعيد حوى كلاما قال فيه، بأنه إجماع الجمهور، إن الفئة الناجية هي أهل السنة والجماعة. وتساءلت يومئذ عن الحل في هذه الكلمات. هل الجمهور يتفق على نفسه! وليس هو أول من قالها، بل كثرت في كتابات المتقدمين أيضا. لقد روي عن معاوية بن أبي سفيان، فقال ألا إن رسول الله صلى الله عليه وآله قام فينا فقال: ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة) (35).

(٣٥) سنن أبي داوود (ج ٤ ص ١٩٨) كتاب السنة.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 99 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 7
2 الاهداء 11
3 المقدمة 13
4 لماذا الرجوع إلى التاريخ؟ 19
5 لماذا الحديث عن الشيعة والسنة 23
6 مدخل 29
7 ثم ماذا 33
8 الفصل الأول: كيف كان تصوري للتاريخ الاسلامي؟ 39
9 الخلافة الراشدة 43
10 الفصل الثاني: مرحلة التحول والانتقال 55
11 الفصل الثالث: وسقطت ورقة التوت! 69
12 كلمة البدء 71
13 الزرادشتية الإيرانية والتشيع 87
14 وأثرت السؤال 93
15 الفصل الرابع: من بؤس التاريخ إلى تاريخ البؤس! 99
16 رحلة جديدة مع التاريخ 101
17 سيرة الرسول: المنطلق والمسيرة! 103
18 السقيفة 125
19 الوفاة وملابساتها 127
20 عصر ما بعد السقيفة 149
21 عمر بن الخطاب مع الرعية 161
22 الخلافة وبعد وفاة عمر 181
23 عثمان أو الفتنة الكبرى 191
24 مقتل عثمان.. الأسباب والملابسات 213
25 بيعة الإمام علي (ع) 225
26 صفين: مأزق المآزق! 243
27 ما حدث به خلافة الحسن (ع) 267
28 الامام الحسن والواقع الصعب 273
29 قتل الحسن.. المؤامرة الكبرى 287
30 واشر أب الملك بنفسه 291
31 وملك يزيد 295
32 ملحمة كربلاء 297
33 لقد شيعني الحسين 313
34 الفصل الخامس: مفاهيم كشف عنها الغطاء 323
35 مفهوم الصحابي 325
36 نماذج وباقات 329
37 أبو بكر 331
38 عائشة بنت أبي بكر 337
39 ايديولوجيا المنطق السلفي 349
40 ليس كل الصحابة عدول 353
41 بعض الصحابة سيرتد، بالنص 355
42 مفهوم الإمامة 359
43 الفصل السادس: في عقائد الإمامية 381
44 البداء 399
45 وأخيرا 405