أما الفئة الثانية، وهي الفئة التي تحمل وعيا متهالكا، وثورية (الأرانب)، تقول:
لماذا ترجعون بنا إلى الخلف؟.
ومن دون أن نبرر أهمية التاريخ التي أصبحت ضرورة علمية وثورية، دون أن نحرجهم بسؤال عن أي ثورة في التاريخ لم تقم انطلاقا من التاريخ؟ دون كل ذلك، نريد أن نقول لهم. ماذا فعلتم، وأنتم تسيرون إلى الأمام دون التفات إلى الوراء؟.
أولا: ليس لكم في ماضيكم سوى الفضائح والصور الملفقة. فأي تاريخ يمكن أن يساعدكم في تحقيق مشروع النهضة في الحاضر والمستقبل، فأنتم تنطلقون من الفراغ أو من النصر (المشوه بالأيديولوجية التضليلية) من دون تجربة تاريخية.
ثانيا: إن الذين انطلقوا من ثورة الحسين، هم اليوم أكثر الفئات ثورية ونهوضا في العالم الإسلامي.
ومن مذبحة الحسين (ع) صنعوا حاضرهم الإسلامي، وخططوا المستقبل.
وهذا تحد تاريخي يعمي ضوؤه الأبصار.
وكان الإمام الحسين (ع) ضميرا ناهضا، و (جرس) إنذار للأمة، لاتخاذ المواقف الضرورية، لوقف الزحف التحريفي. ولذلك كانت مرحلة ما بعد الحسين (ع) مرحلة انقلابات وثورات مختلفة، بدءا بثورة (التوابين) لسليمان بن صرد الخزاعي بالكوفة، وثورة المختار الثقفي، وزيد بن علي.
أما ما عرفه التاريخ من حكم بني أمية وبني العباس، فذلك لا يتطلب منا كبير جهد. وهو في متناول كل القراء في مراجع التاريخ الشهيرة. وتلك نتائج لا تهمنا في التاريخ الإسلامي، بقدر ما تهمنا الأسباب، الأولى التي شكلت أرضية لكل فساد شهدته الأمة في تاريخها اللاحق!.