يرمي إلى تبرير واقع الخلافة كما فعل قبله الماوردي والباقلاني والغزالي.
أنا هنا لا أريد أن أحط من قدر هؤلاء، ولست أقول إنهم ساذجون وأغبياء.
بل أقول إن السياسة والبلاط، قد أفقدهم الرؤية السليمة. والجو النفسي العام كان أقوى من إراداتهم.
كأن ميزان العدل الإلهي اختل - سبحانه وعلا - حتى يكون أغيلمة بني أمية على طرف المساواة مع أئمة أهل البيت (ع).
وأذكر مرة كنت أتحدث لدى العلامة السيد هادي المدرسي، فقلت له: من الطريف إن بعض العلماء من العامة يروون حديثا، هو رؤيا للإمام الحسن (ع) - مثل الغزالي في الإحياء، وكذلك زاد المعاد - إنه رأى وكأن عليا ومعاوية أوتي بهما، ثم أدخلا في بيت. فما كان أسرع من علي، إذ خرج يقول: قضي لي ورب الكعبة، ثم ما برح أن تبعه معاوية يقول: غفر لي ورب الكعبة.
قال السيد المدرسي: هذه الرواية متناقضة من الأساس، إذ كيف يكون من العدل أن يقضى لعلي ويغفر في نفس الوقت لمعاوية، فمن أي جهة قضى لعلي (ع) إذا. إذا كان يزيد والأمويين جميعا، قتلوا الحسين وآل البيت.
وشربوا الخمور، وحكموا بالباطل، وهم مؤمنون، فلماذا تقوم قائمة المسلمين اليوم، فيكفرون المجتمعات، وينتقدون السلطات، ولست أقل ثورية من أولئك (المتشددة) عندما أقول: إن يزيد بن معاوية وأباه وبني أمية جميعا أنكى وأمر، طغيانا من أي سلطة معاصرة، إن القمع والديكتاتورية في عالمنا العربي والإسلامي لها أرضيتها في تاريخنا، لماذا نحدث القطيعة، فنبرئ طغاة الماضي والرجوع إلى نموذج السلف. هي دعوة متعسفة، على هذا الافتراض.
وإذا كان الأمر كذلك، يلزم أن نتهم كل من تعامل معهم ومكن لهم. فبنو أمية لم تكن لتعود إليهم القوة لولا ما قدمه الخلفاء لهم من إمارات.
كنت أظن أن الإسلام قد أعطانا روحا قوية لطلب العدالة، ولم أكن أظن أن بعضنا سوف لا تدفعه مذبحة كربلاء، إلى معرفة القضية من أساسها، ومحاكمة