وإلا، فلماذا يرد عمر بن الخطاب فدك إلا أبناء فاطمة الزهراء، علما أنه كان مدافعا عن رأي أبي بكر إذا كان الأمر ورد فيه نص. وهل أبو بكر أعلم من علي وفاطمة، حتى يقنعهم بحرمة إرث الرسول صلى الله عليه وآله وكان أولى بالرسول صلى الله عليه وآله أن يخبر بهذا الحديث أهله حتى لا يطمعوا في إرثه، بينما التاريخ يثبت إن أبا بكر هو المنفرد بهذه الرواية. وقد قامت فاطمة الزهراء بتلقينه درسا في الشريعة، ترد عليه في خطبتها الشهيرة حيث قالت: (... ثم أنتم تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهلية تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين.
أيها معشر المسلمين أأبتز إرث أبي يا ابن أبي قحافة أبى الله أن ترث أباك ولا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريا، جرأة منكم على قطيعة الرحم ونكث العهد، فعلى عمد تركتم كتاب الله بين أظهركم ونبذتموه إذ يقول: (وورث سليمان داود) وفيما اقتص من خبر يحيى ابن زكريا إذ يقول: (ربي هب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) وقال عز وجل (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) وقال تعالى: (إن ترك خير الوصية للوالدين والأقربين).
وزعم أن لاحظ لي ولا إرث من أبي أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها! أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟ أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم ممن جاء به فدونكموها مرحولة مخطومة، تلقاكم يوم حشركم، فنعم حكم الله، ونعم الخصم (محمد) صلى عليه وآله، والموعد القيامة، وعما قليل تؤفكون وعند الساعة تخسرون، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم.
ثم التفتت إلى قبر أبيها وتمثلت بأبيات صفية بنت عبد المطلب (5):
قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واجتث أهلك من غيبت واغتصبوا