ثم سواك رجلا، لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا) (الكهف).
وإذا ما دققنا النظر وامعناه في الآية، سنجدها لا تحتوي ما يمكن حسبانه فضيلة وميزة تذكر، بقدر ما هي عرض لواقعة تاريخية، قد نفهم منها إن الذي صاحب الرسول صلى الله عليه وآله في السفر لم يكن على قدر كاف من الطمأنينة والثقة في الله.
هذا بالإضافة إلى ما حكوه حوله من أساطير، كأن قالوا إن الله استحيا من أبي بكر، وفي مورد آخر طلب منه الرضا، وإن جبريل يسجد له مهابة، وإنه خير من في السماوات والأرض. وغيرها من الأحاديث التي لا نريد أن نطيل فيها. ومن أراد ضبطها، فليراجع كتاب الغدير، ليحيط بكل ما قالته السنة في أبي بكر، والوقوف أيضا على زيف هذه الروايات سندا ومتنا، كما يطلع في ذلك على الأخطاء الفقهية التي كان يقوم بها أبو بكر، والمذكورة في مرويات السنة، فليراجع من شاء.
ولو كان ما روي عن أبي بكر صحيحا كله، إذن لكان أولى بعمر بن الخطاب أن يذكره في السقيفة، علما بأنهم لم يجدوا فضيلة أخرى غير الآية المشار إليها في الأعلى، والحال لو كان الصحابة يدركون كل هذه الفضائل لذكروها في السقيفة وما تمردوا عليه بعد ذلك.
ثم كان من أكبر الأخطاء التي تجاوز بها أبو بكر حدود الشرع، لما حرم فاطمة الزهراء (ع) إرث أبيها فدكا. وفدك هذه كانت منطقة بخيبر، ملكا للرسول صلى الله عليه وآله مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وكان الرسول صلى الله عليه وآله ينفق منها على أهل بيته (ع) فلما توفي، ردها أبو بكر إلى بيت المال. ولما تقدم إليه علي. وفاطمة، ادعى أن الرسول صلى الله عليه وآله.
قال: (الأنبياء لا يورثون ما تركوه صدقة) وفي رواية لا يورثون إلا علما. وفي تحقيق الحديث بما لا يتسع له المقام هنا، نرى أنه آحاد، انفرد به أبو بكر وحده ولم يروه غيره. وهب أننا صدقناه إن المال لا يورث من الأنبياء، فهلا اعترفوا بإرث العلم وما يترتب عليه من إمامة. كنا كما سبق أن قلنا ندرك إن أبا بكر كان يريد إضعاف آل البيت اقتصاديا حتى لا تقوى شوكتهم ضد الخلافة الغاصبة،