فأغراها معاوية بالمال وبمستقبل زاهر حيث بشرها بالزواج من ابنه يزيد، ومائة ألف درهم، ولماذا لا تختار يزيد، فأبوها وأخوها لم يصمدا أمام دنيا معاوية وبنيه، وما ردهم الضمير عن إلحاق الأذى بالعترة الطاهرة. ولماذا لا تختاره والدنيا كلها معه. وليس لها من الحسن إلا الشرف والدين والورع، فهي في حاجة إلى زوج يلاعب القرود مثل يزيد، ويشرب الخمر، فيمرح، ويدع الصلاة فيلهو، فأولى لها ذلك من الحسن، الذي يضيق على متعتها بالصلاة والقيام والزهد.
إنه يزيد القصور والدنيا. فهل المرأة من هذا النوع الذي يسمو على الدنيا.
راح الإمام الحسن ضحية زهده، وورعه، فليس له من الدنيا إلا التهجد والعبادة وإحقاق الحق. وهذا زاد لا يستهوي النساء، فقبلت الصفقة، وكان مروان بن الحكم، هو عراب المخطط بينها ومعاوية.
وفيما كان الإمام الحسن (ع) صائما، إذا بها تقدم له إفطارا وقد دست فيه السم الذي أرسله إليها معاوية عبر مروان بن الحكم، فتناوله (ع) فتقطعت أمعاؤه، واشتد عليه الألم، واستبشر بالجنة ولقاء الأحبة ونظر إليها وقال:
(يا عدوة الله، قتلتيني قتلك الله، والله لا تصيبين مني خلفا، ولقد غرك معاوية، وسخر منك يخزيك الله ويخزيه) (227).
ونفذت الخطة، وانتهى أمر الحسن، وكان على مسممة الأزواج (228) أن تلتمس الأجر.
وخسرت زوجها، ورفض معاوية تزويجها بيزيد، إذ كيف يزوج من قد خانت أشرف زوج تمنته النساء. ومعاوية يدرك كل ذلك فهو يعرف إن الناس إنما انقادوا له لماله وسلطانه.
فقال لها: إنا نحب حياة يزيد، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه) (229).