وذكر بعض المؤرخين - مثل أبي الفداء إن يزيد هو الذي سمه وليس أباه، بل وعارض بعض المؤرخين (الكاريكاتوريون) أن يكون معاوية قد سم الحسن، وعلى رأسهم ابن خلدون، ومن رجع إليه، من أمثال د. فيليب حتى وعبد المنعم في - التأريخ السياسي - وحجتهم في ذلك التي عارضوا بها المؤرخين الموثقين، إن ذلك لا يمكن صدوره عن معاوية، فهي وجهة نظر قائمة وصادرة عن موقف نفسي معين، يقول ابن خلدون:
(وما ينقل من أن معاوية قد دس السم إلى الإمام الحسن على يد زوجته جعدة بنت الأشعث فهو من أحاديث الشيعة، وحاشا لمعاوية ذلك) (230).
ابن خلدون كغيره، كان يؤرخ لعصبيته، وللبلاط، وإلا كيف يرفض حدثا وهو الذي أخذ (فكرة السبئية) على علتها من تاريخ الطبري. أما عن أن الشيعة هم الذين وضعوا الرواية، فإن الرواية تثبت عند أهل السنة، وذكرت في تذكرة الخواص، والاستيعاب وتأريخ أبي الفداء والنصائح الكافية ومروج الذهب وابن أبي الحديد.
وكيف يستبعد ابن خلدون أن يأتي معاوية بذلك، وهذا التاريخ يعلن الأخبار مجلجلة، حول جرائم معاوية. وماذا يمنع معاوية من الحسن، وقد رام قتل أبيه، وخيرة الصحابة. لقد دافع ابن خلدون عن طواغيت التاريخ، وحرف الكثير من الحقائق تزلفا للبلاط. ثم ما أن التحق الإمام الحسن (ع) بالرفيق الأعلى، حتى جاء الخبر إلى معاوية، ففرح وسر، ثم سجد وسجد من كان معه (231).
ورفض بنو أمية أن يدفن الإمام الحسن بجوار النبي صلى الله عليه وآله، واتصل كل من مروان بن الحكم، وسعيد بن العاص بعائشة وحرضاها على ذلك، فمنعت أن يدفن بجوار جده وقالت: لا تدخلوا بيتي من لا أحب، إن دفن الحسن في بيتي