ولا حرج لهن كلهن يومئذ، فما سئل يومئذ عن شئ إلا قال افعل افعل ولا حرج.
والغريب أنك عندما تقرأ هذه الروايات مستنكرا لها يجابهك بعض المعاندين بأن دين الله يسر وليس عسرا. وأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: يسروا ولا تعسروا.
وإنها كلمة حق يراد بها باطلا، لأنه ليس هناك شكا في أن الله يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر وما جعل علينا في الدين من حرج - ولكن فيما سطره ورسمه لنا من أحكام وحدود عن طريق القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وأعطانا الرخص اللازمة عند اقتضاء الحال كالتيمم عند فقدان الماء أو الخوف من الماء البارد، وكالصلاة جالسا عند الاقتضاء وكالإفطار وتقصير الصلاة في السفر، كل هذا صحيح ولكن أن نخالف أوامره سبحانه بأن نجعل مثلا ترتيب الوضوء أو التيمم كما نريد فنغسل اليدين قبل الوجه مثلا أو نمسح الرجلين قبل الرأس فهذا لا يجوز.
ولكن الوضاعين أرادوا أن يتنازل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن كل شئ ليجدوا منفذا وكما يقول كثير من الناس اليوم (عندما تجادلهم في الأمور الفقهية) لا عليك يا خي، المهم صل فقد، صل كما يحلو لك!.
والغريب أن البخاري نفسه يخرج في نفس الصفحة التي بها قول الرسول (افعل افعل ولا حرج) واقعة يظهر فيها النبي متشددا إلى أبعد الحدود. قال عن أبي هريرة أن رجلا دخل المسجد يصلي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد فجاء فسلم عليه فقال له: إرجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى ثم سلم فقال وعليك، ارجع فصل فإنك لم تصل، وكرر الرجل الصلاة ثلاث مرات وفي كل مرة يقول له الرسول ارجع فصل فإنك لم تصل، فقال الرجل للرسول علمني يا رسول الله فعلمه