بقداسة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم واتهامه بالهجر، ثم الطعن فيه وفي الأمير الذي ولاه قيادة الجيش بدعوى أنه لا يصلح للإمارة والقيادة لصغر سنة، ثم التشكيك في وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حتى تضطرب الأمور، ولا يسبق الناس عامة لبيعة الخليفة الذي عينه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قبل، ومن تلك الجهود، اغتنامهم فرصة اشتغال علي وأنصاره بتجهيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعقد مؤتمر السقيفة الطارئ، واختيار من يرضونه وترتاح نفوسهم إليه وتعقد آمالهم عليه، ثم حمل الناس عامة على البيعة بالتهديد والتنديد والوعد والوعيد، ثم إقصاء المعارضة كليا عن الساحة السياسية، ثم الوقوف بحزم وصرامة ضد كل من تحدثه نفسه بشق عصا الطاعة أو شكك في شرعية الخلافة الجديدة، ولو كانت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم ضرب الحصار والمنع البات على الأحاديث النبوية الشريفة عامة، حتى لا تتفشى النصوص بين الناس وتضطرب الأمور، ولو أدى ذلك للاغتيال الفردي والقتال الجماعي لإخماد المعارضة بدعوى القضاء على الفتنة مرة والردة أخرى.
كل ذلك عرفناه من خلال ما كتبه المؤرخون، وإن كان بعضهم يحاول تغطية الحقيقة بوضع بعض الروايات المتناقضة أو بعض التأويلات والاعتذارات التي كشفت خفاياها الأيام والأحداث والأبحاث.
وقد يكون بعضهم معذورا، لأنه أخذ معلوماته من المصادر الأولى التي كتبت تحت التأثير السياسي والاجتماعي الذي خلفته الفتنة الكبرى وما أعقبها من أحداث عندما استولى بنو أمية على الخلافة وأغدقوا الأموال والمناصب على بعض الصحابة والتابعين المأجورين.
فأخذ بعض المؤرخين من هؤلاء لحسن ظنه بهم، وهو لا يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فاختلطت الروايات الصحيحة بالروايات المكذوبة، وأصبح من العسير على الباحث الوصول إلى الحقيقة.
ولتقريب القارئ الباحث من هذه الحقيقة، لا بد من إثارة وطرح هذه