ولقد حاول العاضد أن يتخلص من صلاح الدين وحرض عليه خادمه المؤتمن.
إلا أن المحاولة كشفت وقتل المؤتمن على أيدي رجال صلاح الدين..
يروي ابن الأثير حول هذه الحادثة: فغضب السودان لقتل المؤتمن فحشدوا وجمعوا فزادت عدتهم على خمسين ألفا وقصدوا حرب الأجناد الصلاحية فاجتمع العسكر وقاتلوهم بين القصرين. وكثر القتل بين الفريقين. فأرسل صلاح الدين إلى محلتهم بالمنصورة فأحرقها على أموالهم وأولادهم. فلما أتاهم الخبر بذلك ولوا منهزمين فركبهم السيف وأخذت عليهم أفواه السكك فطلبوا الأمان بعد أن كثر فيهم القتل فأجيبوا إلى ذلك فخرجوا من مصر إلى الجيزة. فعبر إليهم شمس الدولة أخو صلاح الدين الأكبر في طائفة من العسكر فأبادهم بالسيف ولم يبق منهم إلا القليل الشريد.. (14) وفي عام 570 ه تجمع السودان حول رجل يدعو لإقامة الحكم الفاطمي في أسوان وقد جمع من حوله خلقا كثيرا..
يقول ابن تغري يروي عن أحداث هذا العام: وكان أهل مصر يؤثرون عودهم - أي عودة الفاطميين - فسير صلاح الدين جيشا كثيفا وجعل مقدمه أخاه الملك العادل فساروا والتقوا به - أي بزعيم الثورة - وكسروه. ثم بعد ذلك استقرت له قواعد الملك.. (15) وفي عام 572 ه يقول ابن تغري: وفيها كان مقدم السودان من صعيد مصر.
ساروا من الصعيد إلى مصر في مائة ألف أسود ليعيدوا الدولة الفاطمية. فخرج إليهم أخو صلاح الدين الملك العادل بكر وبمن معه من عساكر مصر والتقوا مع السودان فكانت بينهم وقعة هائلة وقتل كبير السودان ومن معه.. (16) وهذه هي الثورة الثالثة التي قام بها الشيعة ضد صلاح الدين وكانت في السنة السادسة من حكمه..
وفي نفس العام أيضا وقعت ثورة أخرى في مدينة قفط بصعيد مصر أخمدها صلاح الدين وأرسل لها أخاه العادل على جيش فقتل من أهلها ثلاثة آلاف