وشاركوا العباسيين هذه الفرحة التاريخية بانهيار صرح الشيعة الذي أسهموا جميعا في هدمه..
يروي ابن الأثير: كتب نور الدين إلى صلاح الدين يأمره بقطع الخطبة للعاضد وإقامة الخطبة للمستضئ العباسي. فامتنع صلاح الدين واعتذر بالخوف من قيام الديار المصرية عليهم لميلهم إلى العلويين. وكان صلاح الدين يكره قطع الخطبة ويريد بقاءهم (بني فاطمة) خوفا من نور الدين فإنه كان يخاف أن يدخل إلى الديار المصرية يأخذها منه فكان يريد أن يكون العاضد معه. حتى إن قصده نور الدين امتنع به وبأهل مصر عليه. فلما اعتذر لنور الدين بذلك لم يقبل عذره وألح عليه بقطع خطبته وألزمه إلزاما لا فسحة له في مخالفته. واتفق أن مرض العاضد مرضا شديدا واستشار صلاح الدين أمراءه فاختلفوا وكان أن قام أحد الفقهاء ويلقب بالأمير العالم وصعد المنبر في يوم الجمعة الأولى من محرم قبل الخطيب ودعا للمستضئ. فلم ينتطح فيه عنزان وكتب بذلك إلى سائر بلاد مصر ففعلوا.
ولما مات العاضد جلس صلاح الدين للعزاء واستولى على القصر وما فيه.
ووصلت البشارة إلى بغداد بذلك فضربت البشائر بها عدة أيام وزينت بغداد وظهر من الفرح والجذل ما لا حد له.
وسيرت الخلع من بغداد إلى نور الدين وصلاح الدين وللخطباء بالديار المصرية وأرسلت معها الرايات السود رايات العباسيين.. (2) ويروي ابن إياس عن أسباب موت العاضد قوله: فلما قطع الخطبة عن اسمه حصل له قهر عظيم وصار مع صلاح الدين كالمحجور عليه. ولا يتصرف في الأمور إلا بعد مشورة صلاح الدين. فما أطاق العاضد ذلك. فقيل إنه ابتلع فص ألماس فمات من يومه.. (3) والعجيب أن صلاح الدين وهو المتسبب الأول في موت العاضد - جلس للعزاء فيه ومشى في جنازته.. (4)