إنه ليس هناك من تبرير لهذا السلوك سوى أن الشيعة هؤلاء كفار زنادقة إبادتهم قربى إلى الله. لكن الصليبيين واليهود كفار وزنادقة أيضا. فلما ذا التسامح هنا والبطش هناك..؟
لقد كانت لصلاح الدين بطانة حاقدة من الفقهاء والمنافقين الذين كانوا يزينون له مثل هذا السلوك العدواني ويبررونه بدافع حماية عقيدة المسلمين والحفاظ عليها.. ومع ذلك يذكر القاضي بن شداد في سيرته أن صلاح الدين كان حسن العقيدة كثير الذكر لله تعالى. وهو يصفه هذه الصفة وقد كتب كتابا كاملا في صلاح الدين.. (7) يقول المقريزي:.. واستمر الحال حتى قدمت عساكر شيركوه ووصول صلاح الدين إلى مصر عام 564 ه فصرف قضاة مصر الشيعة كلهم وفرض المذهب الشافعي واختفى مذهب الشيعة الإسماعيلية والإمامية حتى فقد من أرض مصر كلها. كما حمل صلاح الدين الكافة على عقيدة الأشعري في مصر وبلاد الشام ومنها إلى أرض الحجاز واليمن وبلاد المغرب حتى أصبح الاعتقاد السائد بسائر هذه البلاد بحيث أن من خالفه ضرب عنقه.. (8) ويقول ابن تغري بردي في أحداث عام 565 ه في ولاية العاضد الفاطمي: وقد وزر له - أي العاضد - الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب. لم يكن له مع صلاح الدين إلا مجرد الاسم فقط. وفي عام 566 ه يقول: وفيها بني صلاح الدين مدرسة للشافعية وكان موضعها حبس المعونة.. وبنى أيضا مدرسة للمالكية تعرف بدار العزل وولى صدر الدين عبد الملك بن درباس الكردي قضاء القاهرة..
وفي عام 567 ه مات العاضد وانقطعت دولة الفاطميين من مصر بموته وأقام صلاح الدين الدعوة العباسية بمصر - أي الدعوة للخليفة العباسي - وأفرد صلاح الدين أهل العاضد ناحية عن القصر. وأجرى عليهم جميع ما يحتاجون إليه.
وسلمهم لخادمه قراقوش فعزل الرجال عن النساء واحتاط عليهم وفرق صلاح الدين الأموال التي أخذها من القصر في العساكر.. (9) ويقول ابن خلكان: وتسلم صلاح الدين قصر الخلافة واستولى على ما كان به