يقول المقريزي: وهذه أقوال إن أنصفت يتبين لك أنها موضوعة. فإن بني علي قد كانوا إذ ذاك على غاية من وفور العدد وجلالة القدر عند الشيعة. فما الحامل لشيعتهم على الإعراض عنهم والدعاء لابن مجوس أو لابن يهودي. فهذا مما لا يفعله أحد ولو بلغ الغاية في الجهل والسخف.. وإنما جاء ذلك من قبيل ضعفة خلفاء بني العباس عندما غضوا بمكان الفاطميين. وأسجل القضاء بنفيهم من نسب العلويين وشهد بذلك من أعلام الناس جماعة منهم الشريفان الرضي والمرتضى وأبو حامد الإسفراييني في عدة وافرة عندما جمعوا لذلك في سنة 402 ه أيام القادر.. وكانت شهادة القوم في ذلك على السماع لما اشتهر وعرف بين الناس ببغداد وأهلها إنما هم شيعة بني العباس الطاعنون في هذا النسب والمتطيرون من بني علي الفاعلون فيهم منذ ابتداء دولتهم الأفاعيل القبيحة. فنقل الأخباريون وأهل التاريخ. ذلك كما سمعوه ورووه حسبما تلقوه من غير تدبر.. (20) * الفاطميون ومصر:
لم تستفد مصر من ولاتها الذين حكموها منذ الفتح الإسلامي قدر ما استفادت وانتفعت من الفاطميين على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية وأن بناء القاهرة والجامع الأزهر لهما خير دليل على ذلك..
والتاريخ يحدثنا عن نهضة واسعة في الحياة الفكرية والأدبية في العصر الفاطمي كما يحدثنا عن ازدهار العلوم الفلسفية والرياضيات والفلك والتنجيم والطب.
ويقول الدكتور محمد كامل حسين:.. في العصر الفاطمي نرى تطورا جارفا في الحياة الفكرية ولا سيما في العلوم الفلسفية على اختلاف ألوانها وفنونها. إذ ازدهرت هذه العلوم ورعاها الخلفاء الفاطميون. بل كان هؤلاء الخلفاء من العلماء المبرزين في بعض هذه العلوم. وخاصة في الإلهيات والفلك.. وقد اهتم الفاطميون برصد النجوم واهتموا بعلماء الرياضيات اهتماما خاصا.. كما اهتموا بالشعر واتخذوه وسيلة من وسائل دعوتهم السياسية. وكان الفاطميون أساتذة فن الدعاية واتخذوا لها كل الوسائل الممكنة في عصرهم وجندوا للدعاية كل من يفيدهم في هذا