لم يكن عثمان كسابقيه يحتاط لأمره ويحسب لخصومه ويداري قبيلته. وإنما وبمجرد أن أمسك زمام الحكم في يده جهر بقبيلته وأظهر ميله لقومه معلنا أمويته فأسخط عليه الناس واستفز الجميع حتى أنصاره ومؤيديه من خارج بني أمية..
لقد تجاوز عثمان حدود الخط القبلي الذي رسمه من قبله أبي بكر وعمر وحصر هذا الخط في دائرة بني أمية.
وهو قد خالف الكتاب والسنة.
وضرب عرض الحائط بنصح الآخرين ولم يعبأ بأحد.
فهل كان مركز عثمان من القوة بحيث جعله يتمادى في موقفه هذا..؟.
أم أنه وجد الخط القبلي قد ترسخ وتمكن على ساحة الواقع ولم تعد هناك حاجة للتمويه أو المواربة..؟.
إن الضربات التي وجهت لخط آل البيت بقيادة الإمام علي بداية من عهد أبي بكر وحتى عهد عمر أضعفت من شوكة هذا الخط وقدراته. فقد كانت كل الضغوط مركزة عليه وكل العوائق تقف في طريقه لكونه يمثل الاتجاه الفاعل والوحيد الذي يقف في مواجهة الخط القبلي. فمن ثم فإن صدام الخط القبلي به أمر حتمي ومصيري.
فالخط القبلي لن يعيش إلا على حساب خط آل البيت..
وخط آل البيت ليس أمامه إلا التعايش مع الخط القبلي والاعتراف به أو قبول الفناء التدريجي كجماعة لها وجودها ولها أنصارها وليس كاتجاه له عقيدته وفكره المتميز.
ولقد عمل أبو بكر وعمر على تشتيت الصحابة الموالين للإمام في الأمصار حف لا يشكلوا بتواجدهم حوله قوة ضغط على الخط القبلي.
وعندما جاء عثمان وجد الظروف والأوضاع مهيأة لإعلان نتيجة الخط القبلي ووضع أساس الخط الأموي. فالخط القبلي من شأنه أن يضعف مع مرور الزمن ولا بد له من أن يتركز في النهاية في دائرة أقوى عائلة من عائلات هذا الخط.