السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ٩٥
ولم يرد على لسان الإمام أي نقد لهما فيما يتعلق بهذا الجانب وإنما كان صدامه معهما في حدود النصوص وتطبيقها. أما إذا تعلق الأمر بأمور المسلمين فإن الإمام لا يسالم.
يقول الإمام حين آل الأمر لعثمان: لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري ووالله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة التمسا لأجر ذلك وفضله وزهدا فيما تنافستموه من زخرفة وزبرجه (13).
وفي هذا القول دلالة على موقف الإمام الثابت من الخلفاء. ذلك الموقف المبنى على التضحية بشخصه من أجل صالح الإسلام والمسلمين. فإذا ما حدث مساس بمصالح المسلمين أو مساس بالإسلام فإن الإمام لا يقف ساكنا وهو ما نراه بوضوح من خلال مواقفه من عثمان.
وحين أصدر عثمان قراره بنفي أبي ذر نادى في الناس أن لا يكلم أحدا أبا ذر ولا يشيعه ضرب الإمام بقرار عثمان هذا عرض الحائط وخرج يشيعه إلى الربذة ومعه عقيل أخوه والحسن والحسين وعمار بن ياسر.
يقول الإمام في وداع أبي ذر: يا أبا ذر إنك غضبت لله فارج من غضبت له.
إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك. فاترك في أيديهم ما خافوك عليه. واهرب منهم بما خفتهم عليه. فما أحوجهم إلى ما منعتهم. وما أغناك عما منعوك؟.
وستعلم من الرابح غدا والأكثر حسدا. ولو أن السماوات والأرض كانتا على عبد رتقه ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجا.
لا يؤنسنك إلا الحق. ولا يوحشنك إلا الباطل. فلو قبلت دنياهم لأحبوك. ولو قرضت منها لأمنوك (14).
لقد تراكمت التجاوزات والمفاسد والانحرافات في عهد عثمان حتى حاصرته ودفعت بالمسلمين إلى الثورة عليه.

(13) المرجع السابق.
(14) المرجع السابق ج‍ 2 / خطبة رقم 126.
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة