السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ٨١
كان باطلا إنه لخدعة أديب. قال فمرني يا أمير المؤمنين. قال لا آمرك ولا أنهاك.. (26) والمتأمل في هذه الرواية يكتشف مدى تواطؤ عمر مع معاوية وتغاضيه عن انحرافاته الخطيرة. فكيف نوفق بين موقف عمر هذا وبين موقفه من الصحابة الآخرين الذين ولا هم على الأمصار وكان يوجعهم بدرته ويصادر أموالهم ويعزلهم عن وظائفهم..؟
وإذا ما تأملنا حجة معاوية بإرهاب العدو بعز السلطان فإننا نكتشف أنها حجة واهية وهي تضع عمر بين أمرين:
إما أنه ساذج استغفله معاوية..
وإما أنه متواطئ معه..
وقول عمر لمعاوية لا آمرك ولا أنهاك إنما يرجح الأمر الثاني..
ولقد كان العرب يخرجون للغزو حفاة عراة رجالا وركبانا يواجهون الروم والفرس وينتصرون عليهم بدون أبهة الملك وعز السلطان..
وإذا كان عز السلطان يرهب العدو كما يدعي معاوية فمن الأولى أن يظهره عمر وهو الخليفة لا أن يظهره معاوية وهو الوالي من قبل عمر..
ويروي أن معاوية صحب عمر في رحلة الحج وكان في كامل هيئته فقال عمر بخ بخ إذ نحن خير الناس أن جمع لنا خير الدنيا والآخرة. حمى إذا جاء ذا طوى أخرج معاوية حلة فلبسها فوجد عمر منها ريحا كأنه ريح طيب. فهاجمه عمر:
فقال معاوية: إنما لبستها لأدخل بها على عشيرتي يا عم والله لقد بلغني أذاك ههنا وبالشام.. (27) ومن الواضح من خلال هذه الرواية أن علاقة عمر بمعاوية تفوق كونها علاقة

(26) أنظر الإستيعاب. ويذكر أن راتب معاوية السنوي بلغ عشرة آلاف دينار. وفي رواية بلغ راتبه الشهري ألف دينار.
(27) أنظر الإصابة ترجمة معاوية.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة