بين خليفة وواحد من عماله. فإن اللغة التي يخاطب بها معاوية عمر إنما تشير إلى أن معاوية يشكل ندا لعمر..
ويروى أن معاوية دخل على عمر وعليه حلة خضراء فنظر إليه الصحابة. فلما رأى ذلك عمر قام ومعه الدرة فجعل ضربا بمعاوية ومعاوية يقول الله الله يا أمير المؤمنين فيم فيم. فلم يكلمه حتى رجع فجلس في مجلسه. فقالوا له لم ضربت الفتى وما في قومك مثله؟
فقال ما رأيت إلا خيرا وما بلغني إلا خير ولكني رأيته وأشار بيده يعني إلى فوق فأردت أن أضع منه.. (28) فتأمل قول عمر ما رأيت إلا خيرا وما بلغني إلا خير. أي أن سيرة معاوية ومواقفه محل رضا عمر التام والشئ الوحيد الذي استفز عمر في شخصية معاوية هو غروره فقام بضربه ليحط منه ويقضي على غروره.. فهل قضى عمر على غرور معاوية وحال بينه وبين تطلعاته..؟
وتلفت انتباهنا ملاحظة هامة من خلال هذه الرواية وهي قول جلساء عمر: لم ضربت الفتى وما في قومك مثله..؟
فمن الواضح أن أصحاب هذا القول هم من أنصار الخط الأموي. إذ كيف يجعلون معاوية لا يساويه أحد من الصحابة. وكيف يقبل عمر منهم هذا القول؟
إننا بعد عرض هذه الروايات لا نكون مبالغين إذا ما قلنا أن معاوية إنما هو من صناعة عمر. استظل به واحتمى بحمايته.
وإن عمر كان يدرك تماما مدى خطورة معاوية وأطماعه ولعله قد بلغه تحذير الرسول (صلى الله عليه وسلم) من بني أمية.. (29)