ودار بين ابن العاص وأبي موسى الأشعري الحوار التالي:
قال عمرو: كيف ترى الأصوب في هذا الأمر..؟
قال الأشعري: أن نخلع هذين الرجلين ونجعل الأمر شورى فيختار المسلمون لأنفسهم من أحبوا.
قال عمرو: والرأي ما رأيت..
ثم خرجا على الناس وهم خليط من طرف علي ومن طرف معاوية..
فقال عمرو: يا أبا موسى أعلمهم أن رأينا قد اتفق..
قال الأشعري: إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر أصلح لأمرها من أمر قد أجمع عليه وهو أن نخلع عليا ومعاوية ويولي الناس أمرهم من أحبوا وإني قد خلعت عليا ومعاوية فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه أهلا..
قال ابن العاص: أن هذا قد قال ما سمعتموه وأنا أخلع صاحبه (يعني عليا) كما خلعه وأثبت صاحبي (معاوية) فإنه ولي ابن عفان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه..
فصاح الأشعري في غضب: ملك لا وفقك الله غدرت وفجرت.. (25) وقد وجد هذا الفعل المنكر من قبل ابن العاص تبريرا في فقه القوم إذ يقول ابن كثير: وكان عمرو بن العاص رأى أن ترك الناس بلا إمام والحالة هذه يؤدي إلى مفسدة طويلة عريضة أربى مما الناس فيه من الاختلاف فأقر معاوية لما رأى ذلك من المصلحة والاجتهاد يخطي ويصيب (26) وهذا التبرير الساذج إنما يكشف لنا مدى تفاعل فقهاء القوم مع خط بني أمية واستسلامهم لأطروحتهم والعمل على ترقيعها والدفاع عنها..