السيف والسياسة - صالح الورداني - الصفحة ١٣٥
القوم قد انقسموا على أنفسهم تجاهه. فمنهم من أجاز لعنه وهم قلة. بينما توقف أكثرهم فيه بحجة أن ذلك سوف يفتح الباب للعن والده أو غيره من الصحابة.. (37) يقول الحسن البصري عن أهل الشام: قبحهم الله وبرحهم أليس هم الذين أحلوا حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقتلون أهله ثلاثا قد أباحوها لأنباطهم وأقباطهم يحملون الحرائر ذوات الدين لا ينتهون عن انتهاك حرمة ثم خرجوا إلى بيت الله الحرام فهدموا الكعبة وأوقدوا النيران بين حجارها وأستارها عليهم لعنة الله وسوء الدار.. (38) ويلاحظ أن الحسن البصري يلعن أهل الشام بالعموم دون تحديد وهو بهذا يسير على نهج القوم من عدم جواز لعن المعين. كما أن هذا الموقف كان في العصر العباسي.
أما ابن تيمية فقد دافع من يزيد ونفى عنه كل الشبهات بقوله: كان من شبان المسلمين ولا كان كافرا ولا زنديقا وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين ورضا من بعضهم. وكان فيه شجاعة وكرم ولم يكن مظهرا للفواحش كما يحكي عنه خصومه وهو لم يأمر بقتل الحسين ولا أظهر الفرح بقتله.. لكن أمر بمنع الحسين وبدفعه عن الأمر ولو كان بقتاله.. (39)

(٣٧) أنظر البداية والنهاية ح‍ ٨ / ٢٢٣. واستدل أحمد على جواز لعن يزيد بقوله تعالى: فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله سورة محمد.. ثم قال: وأي فساد وقطع رحم أكبر مما ارتكب بزيد..
(٣٨) أنظر الكامل ح‍ ٤ / ١٧٠..
(٣٩) فتاوى ابن تيمية ح‍ ٣ / ٤١٠. وما بعدها.. وابن تيمية معذور في موقفه هذا إذ أن كبير فقهاء الصحابة في نظر أهل السنة عبد الله بن عمر قد بايع يزيد وهدد أهل المدينة الذين خلعوا يزيد بقوله إني لا أعلم عذرا أعظم من أن يبايع رجل - يزيد - على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه - أي يزيد - إلا كان الفيصل بين وبينه. ولما جاء جيش يزيد واقتحم المدينة وفعل بها ما فعل بعد مصرع الحسين أمن ابن عمر وحزبه ولم يمسهم بسوء. وما حدث لأهل المدينة على يد جنود يزيد لا يعد جريمة ولا فاحشة في نظر ابن تيمية. أنظر البخاري كتاب الفتن. وانظر تبريرات فقهاء السنة لهذا الحدث الأليم في البداية والنهاية لابن كثير وغيره من كتب التأريخ..
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة