قالت أم سلمة: وأذكرك أيضا، كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت تغسلين رأسه، وأنا أحيس له حيسا، وكان الحيس (1) يعجبه فرفع رأسه وقال:
يا ليت شعري، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تنبحها كلاب الحوأب، فتكون ناكبة عن الصراط، فرفعت يدي من الحيس، فقلت: أعوذ بالله وبرسوله من ذلك: ثم ضرب على ظهرك، وقال: إياك أن تكونيها، ثم قال: يا بنت أبي أمية، إياك أن تكونيها أما أنا فقد أنذرتك، قالت عائشة: نعم أذكر هذا.
قالت أم سلمة: وأذكرك أيضا، كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في سفر له، وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخصفها (يحزرها)، ويتعاهد أثوابه فيغسلها، فنقب له نعل، فأخذها يومئذ يخصفها، وقعد في ظل سمرة، وجاء أبوك ومعه عمر، فاستأذنا عليه، فقمنا إلى الحجاب، ودخلا يحادثانه فيما أرادا، ثم قالا: يا رسول الله، إنا لا ندري قدر ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا، ليكون لنا بعدك مفزعا؟ فقال لهما: أما إني قد أرى مكانه، ولو فعلت لتفرقتم عنه، كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران، فسكتا ثم خرجا، فلما خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت له - وكنت أجرأ عليه منا - من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم؟ فقال: خاصف النعل، فنظرنا فلم نجد أحدا، إلا عليا، فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا عليا، فقال: هو ذاك، فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك.
فقالت أم سلمة: فأي خروج تخرجين بعد هذا؟ فقالت: إنما أخرج للإصلاح بين الناس، وأرجو فيه الأجر، إن شاء الله، فقالت: أنت ورأيك، فانصرفت عائشة عنها، وكتبت أم سلمة بما قالت وقيل لها، إلى علي عليه السلام (2).