كثيرة، فقالت: أعندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب؟ فلفق لها الزبير وطلحة خمسين أعرابيا، جعل لهم جعلا، فحلفوا لها، وشهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب، فكانت هذه أول شهادة زور في الإسلام. فسارت عائشة لوجهها.
ويقول سيدنا الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه في الجنة - (وأما فلانة، فأدركها رأي النساء، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين، ولو دعيت لتنال من غيري، ما أتت إلي، لم تفعل، ولها بعد حرمتها الأولى، والحساب على الله (1).
وروى ابن كثير في البداية والنهاية (2): ومروا في مسيرهم ليلا بما يقال له: الحوأب، فنبحتهم كلاب عنده، فلما سمعت ذلك عائشة قالت: ما اسم هذا المكان، قالوا: الحوأب، فضربت بإحدى يديها على الأخرى، وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ما أظنني إلا راجعة، قالوا: ولم؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنسائه: ليت شعري، أيتكن التي تنبحها كلاب الحوأب، ثم ضربت عضد بعيرها، فأناخته، وقالت: ردوني ردوني، أنا والله صاحبة ماء الحوأب.
ثم أناخ الناس حولها يوما وليلة، وقال لها عبد الله بن الزبير: إن الذي أخبرك أن هذا ماء الحوأب، قد كذب، ثم قال الناس: النجاء النجاء، هذا جيش علي بن أبي طالب قد أقبل، فارتحلوا نحو البصرة.
وفي السيرة الحلبية: أن رجلا كان عاملا لسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لسيدنا عمر: إني رأيت في المنام كأن الشمس والقمر يقتتلان، ومع كل واحد منها نجوم، فقال عمر: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر، قال كنت مع