يترك ابن أبي طالب يا رسول الله زهوه، فقال لك: مه إنه ليس به زهو، أما إنك ستقاتله، وأنت له ظالم، فاسترجع الزبير وقال: لقد كان ذلك، ولكن الدهر أنسانيه، ولأنصرفن عنك، فرجع، فأعتق عبده سرجس تجللا من يمين لزمته في القتال، ثم أتى إلى عائشة، فقال لهما: إني ما وقفت موقفا قط، ولا شهدت حربا، إلا ولي فيه رأي وبصيرة، إلا هذه الحرب، وإني لعلى شك من أمري، وما أكاد أبصر موضع قدمي، فقالت له: يا أبا عبد الله، أظنك فرقت سيوف ابن أبي طالب، إنها والله سيوف حداد، معدة للجلاد، تحملها فئة أنجاد، ولئن فرقتها، لقد فرقها الرجال قبلك، قال: كلا، ولكنه ما قلت لك (1).
وفي الصواعق المحرقة: أخرج الحاكم وصححه، والبيهقي عن أبي الأسود قال: شهدت الزبير خرج يريد عليا، فقال له علي: أنشدك الله، هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: تقاتله، وأنت له ظالم، فمضى الزبير منصرفا.
وفي رواية أبي يعلى والبيهقي، فقال الزبير: بلى، ولكن نسيت (2).
وروى ابن الأثير في أسد الغابة: وشهد الزبير الجمل مقاتلا لعلي، فناداه علي ودعاه، فانفرد به وقال له: أتذكر، إذ كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إلي وضحك وضحكت، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال:
ليس به زهو، ولتقاتلنه وأنت له ظالم، فذكر الزبير ذلك، فانصرف عن القتال، فنزل بوادي السباع، وقام يصلي، فأتاه ابن جرموز فقتله، وجاء بسيفه إلى علي، فقال: إن هذا السيف طالما فرج الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار (3).