ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إنما كان يأسى كثيرا، لأنه لم يحارب مع سيدنا الإمام علي، عليه السلام، وأنه تخلف عنه، روى الحاكم في المستدرك بسنده عن شعيب بن أبي حمزة القرشي عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال:
أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر، إذ جاءه رجل من أهل العراق، فقال:
يا أبا عبد الرحمن، إني والله لقد حرصت أن أتسم بسمتك، وأقتدي بك في أمر فرقة الناس، واعتزل الشر ما استطعت، وإني أقرأ آية من كتاب الله محكمة، قد أخذت بقلبي فأخبرني عنها، أرأيت قول الله عز وجل: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا * فأصلحوا بينهما * فإن بغت إحداهما على الأخرى * فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله * فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين) (1)، أخبرني عن هذه الآية؟.
فقال عبد الله: ما لك ولذلك، انصرف عني، فانطلق حتى توارى عنا سواده، وأقبل علينا عبد الله بن عمر، فقال: ما وجدت في نفسي من شئ في أمر هذه الآية، ما وجدت في نفسي أني لم أقاتل هذه الفئة الباغية، كما أمرني الله عز وجل.
قال الحاكم: هذا باب كبير رواه عن عبد الله بن عمر جماعة من كبار التابعين، وإنما قدمت حديث شعيب بن أبي حمزة عن الزهري، واقتصرت عليه لأنه صحيح على شرط الشيخين (2) (أي البخاري ومسلم).
وروى الهيثمي في مجمعه عن ابن عمر أنه قال: ما آسي على شئ فاتني، إلا الصوم والصلاة، وتركي الفئة الباغية، ألا أكون قاتلتها، واستقالتي عليا عليه السلام البيعة - قال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط (3).