فرجع إلى ابنه عبد الله فقال: ما لي في هذه الحرب بصيرة، فقال له ابنه: إنك قد خرجت على بصيرة، ولكنك رأيت رايات ابن أبي طالب، وعرفت أن تحتها الموت، فجبنت، فأحفظه حتى أرعد وغضب، وقال: ويحك، إني قد حلفت له ألا أقاتله، فقال له ابنه: كفر عن يمينك بعتق غلامك سرجس، فأعتقه، وقام في الصف معهم، وكان علي قال للزبير: أتطلب مني دم عثمان، وأنت قتلته، سلط الله على أشدنا عليه اليوم ما يكره (1).
وفي تاريخ ابن الأثير قال علي للزبير: يا زبير ما أخرجك؟ قال: أنت، ولا أراك لهذا الأمر أهلا، ولا أولى به منا، فقال له علي: ألست له أهلا بعد عثمان؟ قد كنا نعدك من بني عبد المطلب، حتى بلغ ابنك - ابن السوء - ففرق بيننا، وذكرنا أشياء، وقال له: تذكر يوم مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بني غنم، فنظر إلي فضحك فضحكت له، فقلت له: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس به زهو، لتقاتلنه وأنت ظالم له، قال: اللهم نعم، ولو ذكرت ما سرت مسيري هذا، والله لا أقاتلك أبدا (2).
وروى الفقيه ابن عبد ربه الأندلسي في عقد الفريد بسنده عن شريك عن الأسود بن قيس قال: حدثني من رأى الزبير يوم الجمل، يقعص الخيل بالرمح قعصا، فنوه به علي: أبا عبد الله، أتذكر يوما أتانا النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أناجيك، فقال: أتناجيه، والله ليقاتلنك، وهو ظالم لك، قال: فصرف الزبير وجه دابته، وانصرف (3).
وفي رواية المسعودي: وخرج علي بنفسه حاسرا على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم،