لماذا اخترت مذهب أهل البيت - الشيخ محمد مرعي الأنطاكي - الصفحة ٤٠٨
طامة الشورى (1) قلنا غير مرة: إن الله جل وعلا أرسل محمدا " صلى الله عليه وآله، وشرع له دينا " قيما " لا عوج فيه على لسان جبرئيل، وأنزل عليه قرآنا " محفوظا " لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه.
ونص الله ورسوله على وصيه علي عليه السلام من أول يوم أعلن الرسول الدعوة فيه فأمره الله بإنذار عشيرته الأقربين، واستوزر عليا " عليه السلام وما زال في كل مناسبة يرفع من شأن علي في أمر الخلافة، حسبما تقتضيه حكمته البالغة إلى أن جاء اليوم الذي أراد الله أن يتوفى فيه رسوله، ففي اليوم الذي قضى الرسول صلى الله عليه وآله فيه نحبه، وبينما كان علي ومن معه مهتمين في تجهيز رسول الله صلى الله عليه وآله، قام الأنصار واجتمعوا في سقيفتهم، ورشحوا سعد بن عبادة ليكون خليفة (2).

(١) قال المؤلف: اقتبست هذه الجملة من تظلم الإمام علي عليه السلام في خطبته الشقشقية التي يقول فيها: (يالله وللشورى).
(٢) قال المؤلف: ولتجري هنا محاكمة مع الأنصار:
من سوغ لهم الاجتماع لترشيح سعد للخلافة، والنبي صلى الله عليه وآله - بأبي وأمي - مسجى لم يبرد جسمه الشريف بعد؟ وأنتم الأنصار الذين آويتم ونصرتم، وتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد خلف عليا " عليه السلام يوم الغدير، وسمعتم بآذانكم ورأيتم بأعينكم، وبايعتم كما بايع الناس، هل كان الأمر منكم على شك في الرسول صلى الله عليه وآله؟ أم ماذا؟ أم طمحت نفوسكم إلى أن تكون الرئاسة فيكم وإن كنتم على غير حق؟
فيا لله ويا للمسلمين!! هل مات رجل عادي من الناس من الذين لا يعبأ بهم حتى أتيتم بما أتيتم به؟! فكان الواجب عليكم أن تقوموا بتجهيز من كان سببا " لإنقاذكم من هوة الكفر إلى الإسلام، ورفع مكانتكم من الذل إلى أوج المجد، وكان على الأقل أن تعزوا آله بموته، ثم تجتمعوا وتتشاوروا في أمر الخلافة على فرض أن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص!! ولكن تعلمون أن المهاجرين مصممون على نقض العهد، وتعلمون أن الأمر إن لم تسبقوا إليه استولى عليه غيركم، وتحكم بكم، ولو أن الزعيم سعدا " انضم إلى علي عليه السلام ومعه من قومه من يوافقه، لما ذهبت الخلافة عن أهلها، وكان له حظ وفير من حسن السمعة، وأجر عند الله عظيم.
ولكن قوله في السقيفة بعد فشله من الخلافة: لا تبايعوا إلا عليا "!! لا تمحو له ما اكتسب من الإثم شيئا "، وصدرت منه بعد اليأس وبعد خراب البصرة، ولما كان تحكم به عمر إذ تقابل هو وعمر يوما " فقال له: (كيف رأيت ما حل بك؟)، فأجابه: إني لم أحضر معكم في جماعة أبدا ". فطلب منه أن يهاجر من البلاد، فهاجر إلى البلاد الشامية، ومات في بلدة حمص. وقيل: قتله خالد بن الوليد غيلة.
أقول: ذكر ابن أبي الحديد في شرح النهج: 10 / 111 قصة مقتله، وقال: إن أمير الشام يومئذ {معاوية} كمن له من رماه ليلا "، وهو خارج إلى الصحراء بسهمين، فقتله لخروجه عن طاعة الإمام....
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»
الفهرست