حديث الثقلين وهو قول النبي صلى الله عليه وآله:
(إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ") بلغ هذا الحديث الشريف من الشهرة ما أغنى استطراد مصادره، فإنه قد رواه الفريقان، واعترفت به الفرقتان، وعرفه الخاص والعام، بل حفظه الصغير والكبير، والعالم والجاهل، فهو فاكهة الأندية وفي مذاق الأفواه حتى كاد أن يتجاوز حد التواتر.
غير أن الرواة اختلفوا في نص هذا الحديث الشريف اختلافا كثيرا "، إلا أن الاختلاف الذي جاء فيه لا يغير مفاده، ولا يجعل منه منزعا " للتأويل الزائغ، ولا ذريعة للفرار عما ألزم به منطوقه.
وهذا الاختلاف يشهد لما قيل من أن رسول الله صلى الله عليه وآله نطق بمفاد هذا الحديث الشريف في عدة مواطن، مراعيا " وحدة المعنى والغرض، كما أن تعدد الرواة له، وتعدد الطرق لروايته ينبئنا عن تعدد تلك المواطن، ومن تلك المواطن:
حجة الوداع، يوم عرفة عند مجتمع الناس، ومنها الغدير في خطبته، ومنها مرض موته عند وصاياه لأمته (1).