فأصبحت مولاها من الناس بعده (1).
وقالوا: مولى العبد: أي الأولى في تدبيره والتصرف فيه، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عين هذا المعنى من كلمة (المولى) حيث صدر كلامه بقوله: (ألست أولى بكم من أنفسكم)؟ فصرح فيه بالأولوية، ثم عقبه من دون فصل بقوله:
(من كنت مولاه، فهذا علي مولاه) أي من كنت أولى به من نفسه، فعلي أولى به من نفسه، فيكون علي عليه السلام أولى بالتصرف في أمورهم، ولا يكون أولى إلا إذا كان خليفة وإماما، وهذا نص صريح في إرادة رئاسته الدين والدنيا، إذ أن الأولى بنفس الأمة منهم هو النبي صلى الله عليه وآله والإمام عليه السلام كما مرت الإشارة إليه في تحقق الآية السابقة.
وقد فهم هذا المعنى من الفصحاء السامعين لذلك، العارفين بمدلولات الكلام العربي، وعمر بن الخطاب، وحسان بن ثابت، وحارث بن النعمان الفهري، وقد مرت عليك أقوالهم.
إذا كما لا يجوز تقدم أحد على رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يجوز أيضا تقدم أحد على علي عليه السلام فتدبر.
وأيضا مما دلنا على أن المراد من (المولى) هو الأولى الذي يكون بمعنى الإمامة والإمارة: تهنئة الصحابة لعلي عليه السلام كما تقدم، وليس الباعث لهم على التهنئة المذكورة حينما سمعا من النبي صلى الله عليه وآله ما قال إلا فهما من المولى وهو الإمارة والإمامة، ذلك هو الأمر الذي يحق من