أم شيئا آخر وراء ذلك كان أحرى بأن ينهض له عمر منزعجا عن مجلسه، وأجدر بأن يغضب من أجله؟
بلى وأيم الحق لم يزعجه ويغضب له ما كان يعلمه ويعهده في علي عليه السلام وأنه الأولى بالمؤمنين، فأراد من ذلك النهوض والاستعظام والاستنكار والتوبيخ لمن صغره أو استهان به، فأظهر حينذاك ما سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وأكد عليه وعلى المؤمنين وقتئذ بحيث أقبل عليه، هو وجماعة المؤمنين، يهنئونه فيما حباه الله تعالى بأنه عليه السلام مولاه ومولى كل مسلم، وأن من لم يكن مولاه، فليس بمسلم، ولو لم يكن بغير ولاية النبي صلى الله عليه وآله فلا مناسبة لذلك الحال من عمر، مع كون المراد من (المولى) هو الناصر، إذن فكيف يدور في الخلد، أو يقع في الوهم بأن المراد من (المولى) هو الناصر؟
أهكذا يفهم الكلام العربي، ويكون معنى الكلام الفصيح والمنطق البليغ، وتلك هي المطابقة لمقتضى الحال؟!
إضافة على ذلك كله إن معنى (المولى) بمعنى الناصر يستلزم تكذيب قول رسول الله صلى الله عليه وآله الصادق الأمين - والعياذ بالله من ذلك - إذ كم وقع في الأمة بعه من انقلاب في الدين واختلال في النظام أسفر عنهما ظالم جائر، ومظلوم مقهور، ومرتد ناكث كل ذلك بمرأى من أمير المؤمنين علي عليه السلام ومسمعه وهو جليس داره ما ينيف على عشرين سنة، لم يتمن من نصرة أحد حتى لمن في بيته، ويحدثنا التاريخ بنصرته أو انتصار الأمة به، إذا فأين قوله صلى الله عليه وآله: