وكذا البيتين من شعر المتنبي:
نشرت ثلاث ذوائب من خلفها * في ليلة فأرت ليالي أربعا واستقبلت قمر السماء بوجهها * فأرتني القمرين في وقت معا أقول:
أولا: إن أسلوب هذه الأبيات يختلف عن أسلوب الحديث، كما هو واضح، ونحن نتكلم في دلالة هذا الأسلوب أعني: " من أراد أن ينظر إلى كذا، فلينظر إلى فلان " على التشبيه، فلا وجه لاستشهاده بالأبيات المذكورة.
وثانيا: قوله: لا تعجبوا من بلى غلالته... استعارة بحسب الاصطلاح، وليس تشبيها، وإن كانت الاستعارة مبنية على التشبيه، لكن كلام (الدهلوي) هنا مبني على الفرق بينهما كما يدل على ذلك قوله فيما بعد: وإن لم يكن تشبيها فاستعارة وأصلها التشبيه.
ويدل على أن الشعر المذكور من الاستعارة لا التشبيه، كلام التفتازاني، وهذا نصه بطوله:
" واعلم أنهم اختلفوا في أن الاستعارة مجاز لغوي أو عقلي، فالجمهور على أنه مجاز لغوي، بمعنى أنها لفظ استعمل في غير ما وضع له، لعلاقة المشابهة، [ودليل أنها] أي الاستعارة [مجاز لغوي: كونها موضوعة لا للمشبه ولا للمشبه به ولا للأعم منهما] أي من المشبه والمشبه به، فأسد في قولنا:
رأيت أسدا يرمي، موضوع للسبع المخصوص، لا للرجل الشجاع، ولا لمعنى أعم من الرجل والسبع كالحيوان الجري مثلا، ليكون إطلاقه عليهما حقيقة، كإطلاق الحيوان على الأسد والرجل الشجاع، وهذا معلوم بالنقل عن أئمة اللغة قطعا، فإطلاقه على الرجل الشجاع إطلاق على غير ما وضع له، مع قرينة