الشيح جمال الدين ابن هشام في بيان وجوه (إلا):
" الثاني: - أن تكون صفة بمنزلة غير، فيوصف بها وبتاليها جمع منكر أو شبهه، فمثال الجمع المنكر * (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) * فلا يجوز في إلا هذه أن تكون للاستثناء من جهة المعنى، إذ التقدير حينئذ: لو كان فيهما آلهة ليس فيهما الله لفسدتا، وذلك يقتضي بمفهومه: إنه لو كان فيهما آلهة فيهم الله لم تفسدا، وليس ذلك المراد، ولا من جهة اللفظ، لأن آلهة جمع منكر في الإثبات، فلا عموم له، فلا يصح الاستثناء منه، ولو قلت: قام رجال إلا زيد، لم يصح اتفاقا.
وزعم المبرد: إن إلا في هذه الآية للاستثناء، وإن ما بعدها بدل، محتجا بأن لو تدل على الامتناع، وامتناع الشئ انتفاؤه، وزعم أن التفريغ ما بعدها جائز، وأن نحو لو كان معنا إلا زيد، أجود كلام.
ويرده: إنهم لا يقولون: لو جاءني ديار أكرمته، ولا: لو جاءني من أحد أكرمته، ولو كان بمنزلة النافي لجاز ذلك، كما يجوز: ما فيها ديار وما جاءني من أحد، ولما لم يجز ذلك دل على أن الصواب قول سيبويه: إن إلا وما بعدها صفة " (1).
أقول:
فظهر أن كون الشئ بمنزلة الشئ يستلزم المساواة بينهما، ومن المعلوم أن قول القائل: " هذا بمنزلة هذا " هو من باب التشبيه، كما صرح به أئمة أهل السنة في حديث " أنت مني بمنزلة هارون من موسى "، و (الدهلوي) نفسه معترف بذلك.