أصحابا، فجعلهم خير الأنام، واصطفى من أصحابه رضي الله تعالى عنهم جملة العشرة الكرام، فرضيهم لعشرته وموالاته وفضلهم بالانضمام إليه مدة حياته، وأنعم عليهم بما أولاهم من أصناف موجبات كريم كرمه، وأسعدهم بما سلف لهم في سابق قديم قدمه، وأشقى قوما بارتكاز أهويتهم في الخوض في أمرهم، فيما لا يعنيهم واجتراهم على الإقدام على التنقص بهم، وصفهم بما ليس فيهم...
فما للجاهل الغبي ولهم، وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيغفر لهم، وما للمتعامي وتأويل ما ورد في شأنهم وتحريفه، بعد قوله صلى الله عليه وسلم: لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
فالحمد لله أن عصمنا من هذه الورطة العظيمة، ووفقنا بحب جملتهم إلى سلوك الطريقة المستقيمة، ثم الحمد لله أن ألهم جمع هذا المؤلف في مناقبهم والإعلام بما وجب من التعريف بشرف قدرهم وعلو مراتبهم، وتدوين بعض ما روي من عظيم مآثرهم، وإبراز طرف ما ذكر من عميم مذاخرهم، من كتب ذوات عدد، على وجه الاختصار وحذف السند، ليسهل على الناظر تناوله ويقرب على الطالب فيه ما يحاوله، عازيا كل حديث إلى الكتاب المخرج منه، منبها على مؤلفه ومن أخذ عنه، تفصيا عن عهدة الارتياب في النقل، واعتمادا على أولى السابقة من أهل العلم والفضل، مبتديا بذكر ما شملهم على طريقة التضمن، ثم بما اختص بهم على وجه المطابقة والتعين، ثم بما ورد فيما دون العشرة وإن انضم إليهم من ليس منهم، ثم ما اختص بالأربعة الخلفاء ولم يخرج عنهم، ثم بما زاد على الأربعة على واحد، ثم بما ورد في فضائل كل واحد واحد، وأدرجت جملة ذلك في قسمين ".
هذا، وقد روى الحافظ المحب الطبري هذا الحديث في كتابه الآخر: